يستعد الأتراك لاختيار نوابهم في استحقاقٍ تشريعيٍّ مبكرٍ يُجرَى غداً الأحد، في وقتٍ أعلنت حكومتهم تعبئة 255 ألف شرطي و130 ألف عنصر درك لضمان أمن مراكز الاقتراع. وتتزامن الانتخابات مع أجواءٍ من التوتر الشديد بعد استئناف النزاع بين الحكومة والمسلحين الأكراد وتنفيذ هجومين انتحاريين في أنقرة أوقعا 102 قتيل مطلع الشهر الجاري. وكان آخر استحقاقٍ تشريعي أُجرِي في ال 7 من يونيو الماضي وأفضى إلى خسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم الأغلبية المطلقة للمرة الأولى منذ 13 عاماً. وبعد أسابيع من المفاوضات لتشكيل حكومةٍ ائتلافية؛ قرَّرت الرئاسة دعوة المواطنين إلى العودة للصناديق نتيجة عدم اتفاق الأحزاب. لكن معظم استطلاعات الرأي تشير إلى إمكانية تكرار نتائج الاقتراع الأخير. عدد الناخبين ويصل عدد الناخبين، وفقاً للمجلس الانتخابي الأعلى، إلى 54 مليوناً و49 ألفاً و940 ناخباً من أصل عدد السكان البالغ 77.6 مليون نسمة. وتمكَّن أكثر من 2.8 مليون ناخب يقيمون في الخارج من التصويت في الأسابيع الماضية في القنصليات التركية. ومقارنةً بالانتخابات الأخيرة؛ يزيد عدد من يحق لهم التصويت اليوم بواقع 400 ألف شخص. وستفتح أولى مكاتب الاقتراع في الداخل، وعددها 175 ألف مكتب، اعتباراً من الساعة السابعة صباحاً على أن يغلق آخرها عند الساعة 17.00 بالتوقيت المحلي. طريقة الاقتراع ويُنتخَب النواب من دورةٍ واحدةٍ في كل من المحافظات ال 81 في البلاد. ويمكن للأحزاب التي نالت %10 من الأصوات على المستوى الوطني أن تنضم للبرلمان. ويواجه هذا النظام انتقادات شديدة؛ إذ يوصف ب «غير المنصف»، لكنه قائم في دول أوروبية أخرى تحدِّد ب %5 النسبة التي ينبغي أن يحصل عليها أي حزب حتى ينضم إلى المجالس النيابية. وفي عام 2007؛ أتاح هذا النظام لحزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الحصول على %62 من المقاعد (341) رغم حيازته %46.5 فقط من الأصوات. الأمن وعلى الصعيد الأمني؛ عبَّر معارضون لأردوغان وحكومة أحمد داود أوغلو عن قلقهم إزاء سير الانتخابات في جنوب شرق البلاد حيث الغالبية كردية. وتشهد هذه المنطقة مواجهات عنيفة منذ 3 أشهر بين قوات الأمن ومتمردي حزب العمال الكردستاني. لكن وزير الداخلية في حكومة أوغلو، سلام ألتينوك، أعلن تعبئة 255 ألف شرطي و130 ألف عنصر درك لضمان أمن اليوم الانتخابي. القوى السياسية وإذا كان المجلس الانتخابي الأعلى سجَّل تقدُّم 16 حزباً لخوض الانتخابات؛ فإن أربعةً منها فقط قادرة على حصد مقاعد. وفاز حزب العدالة والتنمية، الذي صعد إلى السلطة قبل 13 عاماً، بكل عملية انتخاب منذ ذلك الحين (%34.2 في 2002 و%46.5 في 2007 و%49.9 في 2011). لكنه سجل تراجعاً في انتخابات يونيو الماضي، فلم يحصد سوى 40.6 % وإن ظلَّ في الصدارة. ويُتوقَّع أن يحقق الحزب نتيجةً مماثلةً اليوم. من جهته، يندِّد حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديمقراطي) بما يسمِّيها «النزعة السلطوية» لدى أردوغان. لكن الحزب، الذي يعد وريثاً لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، يعاني من انعدام قائد قوي، ويُرتَقب أن ينال بين 26 و%28 من الأصوات علماً أنه نال %25.1 قبل 5 أشهر. فيما يأمل حزب الحركة القومية اليميني في الاستفادة من تفتُّت القاعدة المحافظة لدى حزب العمال الكردستاني بعد استئناف النزاع الكردي. ونال «الحركة القومية» %16.4 من الأصوات في الاستحقاق الأخير، وتتوقع استطلاعات الرأي تسجيله نتيجةً أقل بشكل طفيف. أما حزب الشعوب الديمقراطي، الناطق باسم الأقلية الكردية (%20 من السكان)، فيُتوقَّع أن يتجاوز عتبة %10 من الأصوات كما حصل في يونيو. وبفضل شعبية زعيمه صلاح الدين ديمرتاش (42 عاماً)؛ تحوَّل «الشعوب الديمقراطي» إلى حزب يساري حديث يستجيب لتطلعات الأقليات. ويُرتقَب حصوله على بين 12 و%15 من الأصوات. وكانت الأحزاب الأربعة فازت وحدها بمقاعد في استحقاق 7 يونيو بواقع 258 ل «العدالة والتنمية»، و132 ل «الشعب الجمهوري»، و80 ل «الحركة القومية» ومثلها ل «الشعوب الديمقراطي».