أصبحنا في عصر انشغل فيه الأب وقضى معظم وقته خارج المنزل، وعملت فيه المرأة وجعلت كل وقتها لعملها ثم لواجباتها الاجتماعية وبكل تأكيد تعود للمنزل وهي منهكة لا رغبة لها بتحمل إزعاج الأطفال وتلبية كثرة طلباتهم فلم تنشغل بهم، فالخادمة وجدت من أجل ذلك؟ ومع وجود السائق الذي يأخذ حيزاً من دور الأب، نجد الأطفال محصورين في مجالين لتعلم وكسب مهارات الحياة إما من خلال قنوات الأطفال التي يقضون أمامها ساعات طوال لا حصر لها وأقد أثبتت الدراسات: أن الأطفال يتعلمون من التلفاز أكثر مما يتعلمون بالمدارس وهذه كارثة بحد ذاتها، لأنه ليس كل مايبث لهم يعد مفيدا، ومثمرا لعقولهم وعواطفهم بل على العكس وأما المجال الآخر لتعليمهم بعد التلفاز، فهو: الخادمة والسائق وذلك من خلال التحاور الشبه اليومي معهما فعندما يخرج الأطفال بصحبتهما تدور بينهما أحاديث ولأن ربنا خلق الأطفال أذكياء فأنهم كثيراً مايبادرون بالتساؤل: كيف هذا؟ من أين جاء؟ وكثير من الأسئلة المفتاحية لفتح مجال الحوار وتبادل الأفكار. لابد أن ناخذ بعين الاعتبار أن الخدم لهم لغتهم الخاصة المختلفة عن فصاحة اللغة العربية فيبدأ الطفل بتعلم العربية المكسرة، وأخذ عاداتهم الدينية والعقائدية وكل هذا من خلال المشاهدة والتواصل اليومي وهذا في منأى عن الوالدين. ونعود للإسهاب بالحديث عن خطر أفلام الكرتون وما تذيعه لفلذات أكبادنا من سموم فكرية وعاطفية وانحطاط أخلاقي ومجتمعي، أفلام الكرتون كأي عمل تليفزيون له رسالة وهدف ليس مجرد رسوم تتحرك لتثير ضحكات الأطفال، بل على العكس فهي تحتوي في فحواها على مكامن العداء للإسلام وتستهدف بذلك مرحلة التنشئة فهي المرحلة الأنسب لتطبيع ما يخططون له، ولأن التكرار يساهم في الإقرار وعلى سبيل المثال: لو ظل طفل يشاهد أفلام الكرتون من عمر 3 سنوات حتى عمر 10 سنوات فهو بذلك قضى 7 سنوات من عمره يستقبل تعاليم وأفكاراً منافية لما ينص عليه الشرع كإقناع الأطفال بالسحر والشعوذة أنها تبعد عنه الأشرار وبضرورة وجود فتاة بقرب الشاب وترسم بينهما قلوب وتبدأ الفتاة بالخجل وغيرها من الإيحاءات للإشارة إلى أنه لابد أن تكون بين الجنسين علاقة وأيضاً إن الأبطال دائماً أقوياء ويملكون خاصية الطيران أو بعض القدرات الخارقة المنافية للواقع والأشد والأسوأ أنه تدخل في غياهب الشرك بالله وهي كلها دسائس فكرية عقائدية تدخل أطفالنا في متاهات ما إن تتخزن في عقله الباطن حتى يبدأ بالاقتناع بأنها حقيقة مجردة. فيا أولياء الأمور الحريصين على أبنائكم، الغيورين على دينكم، المهتمين بعقول أطفالكم كونوا على علم في أن ما تغرسة قنوات الأطفال هي غراس قوية ترسخ في عمر الطفولة وتؤتي أكلها في عمر المراهقة ومابعدها فلا تدع مشاغلك تحول بينك وبين الاهتمام بما يغذي أبناءك فكرياً وسلوكياً واجعل لك كل يوم على الأقل ساعة تجالسهم وتحدثهم وتسمع لهم لو جعلت لأطفالك المجال ليتحدثوا لعجبت عجباً شديدا من شدة ذكائهم وقوة إدراكهم فصحح لهم الخطأ وشجعهم على الصواب وكن دوماً معلمهم الأول.