تروي الباحة قصص المبدعين.. تتجلى بالحكايات وأحلام القصاصين. في تظاهرة إبداعية يتفرد بها نادي الباحة الأدبي، وقد جعلت من الباحة راويا لكل الحكايات التي مرت (طول السنين). ستشرق الباحة الأسبوع القادم، بإضاءات مساءات الرواة، ترتوي من غيم القص أريجا، فتزدهي بالراويات والحكايات، قراءة وإبداعا. تأتي بادرة نادي الباحة الأدبي بتنظيم أول مهرجان للقصة القصيرة والقصيرة جدا، تتويجا للدور الذي تقوم به الأندية الأدبية وقد اهتمت في نشاطاتها وجعلت من القصة فنا إبداعيا منبريا، ولم يكن الناس قد ألفوا غير الشعر ديوانا للعرب وسيد الإلقاء على المنابر. وأقامت عديداً من ندوات الحوار حول مباهج السرد وملتقيات النقد المخصصة للقصة وإبداعاتها. كما أصدرت الأندية العديد من المجموعات القصصية للمبدعات والمبدعين، والدراسات النقدية والأدبية المتخصصة في القصة والرواية، وأسهمت في ازدهار حركة نشرها والمشاركة بها في معارض الكتب في الداخل والخارج. ومن النشاطات التي نهضت بها الأندية لتشجيع الإبداع القصصي ضمن مشاريعها الأدبية إعلان العديد من الجوائز المحفزة للتنافس على إبداع السرد ومفازاته. من الأندية التي كانت لها الريادة في الاهتمام بالقصة إبداعا ونقدا منذ تأسيسها عام 1975م، أندية جدة، الطائف، مكة، جازان والمنطقة الشرقية. ويعتبر مهرجان نادي الباحة الأدبي الذي يقام هذا العام، الأول من نوعه والأشمل حيث يتم في حفل افتتاحه تقديم 14 مبدعا ومبدعة من رواد القصة السعودية الحديثة، وتكريم أسماء المبدعين من الباحثين الذين خدموا القصة رصدا ونشرا وتاريخا، بالإضافة إلى عديد من الأمسيات التي تضيء ليل الباحة بقصص الحالمين المبدعين ضيوف المهرجان، الذي يشارك فيه نحو 100 شخصية لها تاريخها في القصة والسرد من مختلف أنحاء المملكة، كما وجه رئيس النادي الشاعر المبدع الدكتور حسن الزهراني الدعوة لعدد من الأسماء العربية التي اشتهرت بإبداعها القصصي المتميز. أذكر أن القصة في الثمانينات الميلادية عاشت أزهى عصورها، وكان الفضل في انتعاشها ونهضة حداثتها، لما واكبها من حركة نقدية استطاعت قراءتها، وفك رموزها ودلالاتها، حددت أبعاد نصوصها الجمالية، وأضاءت نصوصه. كنت ومازلت على يقين أن الكتابة الإبداعية في تجليات السرد تعد عملا انقلابيا، مادام المبدع القاص يتطلع لنص يُدهش القارئ ويستفز النقد. النظرة إلى الفن أو الأدب في كل زمان ومكان تخضع لأخلاقيات وقوانين مرسومة تؤكد فعالية الإبداع وإيجابياته، وبقاء الفن أو غيابه لفترة ما مسألة تحكمها تقلبات المناخ ومتغيرات الأوضاع. في السنوات الأولى من ظهور تيار الحداثة، كان الحوار والرهان، بين الناقد والمبدع سجالا، فيه نوع من التحدي، وكان من بين النصوص الأدبية التي راهن علي تطورها النقاد، النص القصصي، الذي كتبه الرواد الذين سيكرمهم نادي الباحة، وهم الذين كان رهانهم في إبداعهم، على التميز بالاختلاف، في تلك المرحلة، كان لابد من تشكيل حضور مبهر، بإبداع سردي يُراهن عليه، وكان بحق مستفزا للنقاد؟ ومدهشا لقرائه. كانت مرحلة الثمانينيات تلك ساخنة، بصراعها واختلاف تياراتها وتوجهات أطراف الحوار فيها بين مؤيد لحداثة النصوص، وتقليدي متمسك بالقديم وأصوله، مرحلة تاريخية أخذت القصة فيها دورها في الاستئثار بالأجواء وما أخذته إبداعات نصوصها من مساحات واسعة في مشهدنا الثقافي.