احتفى نادي أبها الأدبي، مساء أمس الأول، بتجربة القاص والإعلامي عبدالله السلمي، ضمن مشروع لجنة إبداع في قراءة التجارب الإبداعية في منطقة عسير. واستعرض السلمي رحلته مع الكتابة الإبداعية، التي امتدت إلى قرابة الأربعين عاماً، موضحا أنّ الكتابة تلبّسته وهو طالب في المرحلة المتوسطة وأتاحت له أن ينشر نصوصه القصصيّة في عديد من الصحف المحليّة، وأنه استفاد كثيراً من تجربة جماعة السرد في النادي، التي أضاف له الأصدقاء فيها عديداً من وجهات النظر، وكذلك القراءات الفنيّة في تجربته الإبداعية. وشارك في الأمسية الاحتفالية، التي أدارها القاصّ ظافر الجبيري، الناقد التونسي الدكتور محمد الكحلاوي، الذي قدم قراءة نقديّة في إنتاج السلمي السردي، وقال في ورقته إنّ السلمي استطاع أن ينتج أسلوباً «حداثوياً» في الكتابة الإبداعية، وأنّ مقاربته لهذه النصوص القصصيّة تتماهى مع الزمن والحوار والتبئير. وأضاف أنّ لغة السّرد الحيّة في نصوص السلمي تنتظم في النموّ، لتخلق نسق الحوار وتوظّفه في الكشف عن الحاجات النفعيّة، لافتا إلى أنّ النصوص القصصيّة في مجموعتي «مدارات الأسئلة» و«عفواً أيها الجدار» تبدو متبرّمة من الزمن، وهي نصوص قلقة لا تعبأ بالمكان؛ إذ لا ترى ضرورة في تحديده أو تأطيره، فقد يكون فصلاً أو بيتاً أو حقيبة أو قاعة أفراح، وقد يأتي المكان مطلقاً، أو يأتي كناية عن الحياة الدنيا. وأشار الكحلاوي إلى أنّ زمن الحكاية في نصوص السلمي زمن استرجاعي يحتلّ السارد فيه جزءاً كبيراً منه، ويعمل على استنطاقه بشكل لافت. وعن الشخصيات في أعماله، ذكر الكحلاوي أنّ السلمي يقدم شخصياته بشكل قلق، وقد تكون شخصيات مجردة في بعض النصوص الأخرى، إضافة إلى أنّ نسق النصوص تكشف للقارئ أنه لا رغبة لدى السارد في تصوير شخصياته تصويراً واضحاً، كما أنّ نسق الحوار جاء دالاً على الشخصيّات وما تمثّله من صور لصفات أسطوريّة في المتخيّل الجمعي يقوم السارد بتوظيفها في نصوصه. وفي الفترة المخصصة لمداخلات الحضور، وجه الدكتور عبدالحميد الحسامي نقداً لاستدعاء الكحلاوي أسماء النقاد ومقولاتهم، وتساءل: هل كانت محاولة للارتقاء بالنصوص أم الهروب من النصوص والحكم عليها بشكل فاحص ودقيق؟! وأضاف الحسامي أنّه لاحظ في القراءة هيمنة صوت الراوي على نصوص السارد فهل كانت هناك أصوات أخرى مشاركة في البناء السردي؟! فيما قال القاص والكاتب يحيى العلكمي إنّ القراءة النقدية للكحلاوي حمّلت النتاج الأدبي أكثر ممّا يحتمل، مشيرا إلى أن نصوص السلمي وإبراهيم مضواح لا تكاد تنعتق عمّا كتبه إبراهيم شحبي! وأجاب الكحلاوي على بعض المداخلات بقوله إنّه يؤمن بمقولة بارت في النقد بأنّه نصّ على نصّ، وقال: حاولت أن أقدّم قراءة وشرحاً ولم أذهب إلى النقد بوصفه حكماً؛ لأنّ هناك مساحة كبيرة يمكن فيها أن نتماهى مع النصوص أو نتعارض. وليس هناك من معنى لناقد يصدر حكماً في تصنيف عمل. وفي ختام الأمسية، قال رئيس النادي الدكتور أحمد آل مريع، إنّ النادي ماضٍ في الاحتفاء بتجارب المبدعين في المنطقة من خلال لجنة إبداع، وإن كان هناك من يغضب من هذا العمل، ويستكثر على بعض المبدعين الوقوف على هذا المنبر.