واصلت القوات العراقية تقدمها شمالاً في أكبر هجوم تشنه ضد تنظيم «داعش» منذ أشهر، وباتت على بعد نحو 25 كلم شمال بيجي، حسب ما أفاد مسؤولون أمنيون. وكانت القوات العراقية استعادت مدينة بيجي ومصفاتها النفطية وبلدة الصينية من تنظيم «داعش» خلال الأيام القليلة الماضية باستنثاء جيوب محدودة محاصرة في المدينة، فيما واصلت القوات اندفاعها شمالاً على الطريق المؤدي إلى مدينة الموصل. وبلغت القوات العراقية بلدة الزوية وهي تتقدم باتجاه الشرقاط آخر المدن الواقعة ضمن محافظة صلاح الدين قبل الوصول إلى حدود محافظة نينوى التي تُعد المعقل الأساسي للتنظيم وعاصمتها الموصل. وقال ضابط رفيع في قيادة عمليات صلاح الدين «إن القوات العراقية تحاصر بلدة الزوية وقرية المسحك الواقعتين على بعد 25 كلم شمال بيجي». والسيطرة على الزوية والمسحك يضيِّق الخناق على عناصر التنظيم في هذه المنطقة ويعزلهم عن بقية المناطق ويمنع تحركهم باتجاه المدن الواقعة شرق دجلة مثل الحويجة. وقال الخبير الأمني عبد الكريم خلف أن «استعادة الزوية سيحرم داعش من المناورة والحركة من المناطق الآمنة باتجاه الغرب (الرمادي) وسيكون التنظيم في موقف حرج». وأضاف «ستكون خطوط المواصلات باتجاه تكريت صعبة جداً عليهم، وأيضاً باتجاه الرمادي الخطوط البديلة الطويلة والصعبة». ورأى خلف وهو ضابط متقاعد أن اندفاع القوات العراقية شمالاً «قفزة مهمة باتجاه نينوى وفرض سيطرة على طريق صلاح الدين نينوى» الذي سقط بيد داعش منذ يونيو من العام الماضي. ولا تزال القوات العراقية المكونة من قوات النخبة والتدخل السريع وفصائل الحشد الشعبي تخوض معارك في جبهات متعددة في بيجي وجبال مكحول وبعض الجيوب المحاصرة. وتعمل هذه القوات كذلك على تمشيط بلدة الصينية، التي تعقد الحلقة الرابطة باتجاه صحراء الأنبار التي تخوض القوات العراقية هناك عملية عسكرية متزامنة لتحرير كبرى مدنها الرمادي. وعلى مسافة أبعد إلى الغرب، تخوض القوات العراقية مدعومة بطيران التحالف الدولي، معارك لاستعادة الأجزاء المحتلة من بلدة البغدادي في محافظة الأنبار والقرى المحيطة بها من التنظيم الجهادي. واستعادت القوات العراقية تكريت كبرى مدن محافظة صلاح الدين الواقعة على بعد 160 كلم شمال بغداد، في أبريل الماضي. وبعد تلك العملية الناجحة خسرت الحكومة السيطرة على مدينة الرمادي الواقعة غرب بغداد، في مايو. بعدها تباطأت العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش»، إثر ارتفاع درجات الحرارة، وركزت السلطات منذ ذلك الحين على تدريب وتجهيز القوات، ومحاولة قطع خطوط إمداد التنظيم الجهادي من خلال القصف. والمسافة بين مدينة الموصل التي تُعد المعقل الرئيس للتنظيم الجهادي وبلدة الزوية هي 125 كلم. وأفاد شهود عيان بأن العشرات من سكان القرى التي لا تزال تخضع لسيطرة التنظيم، يفرون منها باتجاه مناطق سيطرة القوات العراقية. كما أفاد شهود عيان من سكان الشرقاط الواقعة شمال الزوية أن رجلاً من سكان المدينة أطلق النار على عناصر من تنظيم «داعش» وقتل خمسة منهم انتقاماً لإعدام اثنين من أقاربه على يد التنظيم، قبل أن يلقى حتفه. ويشارك مئات المقاتلين من أبناء العشائر المناهضة لتنظيم «داعش» في المعارك في عمليات صلاح الدين.