أخذ صديقي طفله الرضيع بحرارته المرتفعة إلى الصيدلاني الذي طمأنه على الفور بألا يقلق وأن كل ما في الأمر هو ارتفاع في درجة الحرارة مصاحب لمرحلة التسنين عند طفله، وكتب له خافض حرارة خمسة مليمترات ثلاث مرات في اليوم، في المساء التفتت أم الطفل إلى حرارة رضيعها فوجدتها عالية جداً، فجريا ركضاً بطفلهما إلى الطوارئ ليكتشف الأب أن رضيعه مصاب بالتهاب فيروسي حاد في الحلق ويحتاج إلى مضاد حيوي ومخفضات حرارة أخرى كل أربع ساعات بالإضافة إلى ما كتبه الصيدلاني. بعد أن شكر صديقي طبيب الطوارئ على تشخيصه الدقيق حمد الله على فطنة زوجته التي انتبهت إلى ارتفاع حرارة طفلهما قبل أن يحدث ما لا تحمد عقباه، بعد أن قاربت 39,5 درجة. يستسهل البعض أخذ مشورة الصيدلاني لمعالجة الأمراض فيأخذون ما يصف لهم من أدوية دون تردد بدلاً من الذهاب إلى عيادة الطبيب والانتظار والمصاريف الإضافية الأخرى. المشكلة أن الصيدلاني مثل الطبيب الشعبي يكتب الدواء للمريض دون أن يفحصه، الوحيد الذي يفحص المريض هو الطبيب أما البقية فيكتبون الوصفة بناءً على المشافهة والسماع وأحياناً كثيرة تنجح وصفاتهم وهذا مما يجعل كثيرين يكررون المحاولة مع الصيادلة ولكن الخطورة على الأطفال تبدو أكبر لأنهم لا يملكون حق تقرير مصائرهم. الصيادلة لا أحد ينكر صعوبة دراستهم وعلو شأن شهاداتهم في علم الأدوية ولكنهم في النهاية ليسوا أطباء وهذا بحد ذاته كفيل بإيقافهم عن وصف الدواء للمرضى دون فحصهم خصوصاً الأطفال. الآن ما هو دور وزارة الصحة؟ هل تركب كاميرات مراقبة في الصيدليات للقبض على الصيدلاني الذي يصرف العلاج لمريض بدون وصفة طبية؟ أم يمر وزير الصحة على الصيدليات ليكتشف الصيدلي الذي يوزع وصفاته على مرضاه بنفسه!