بأمر من مراقب أمانة الأحساء.. حمل محمد الزامل بسطته فوق كتفه، وحمل معها أيضاً هموم ابنيه وزوجته، باحثاً عن مكان آمن، يعرض عليه اللوز الحساوي للبيع، طمعاً في الحصول آخر اليوم على حفنة من الريالات، يؤمن بها احتياجات أسرته التي تنتظر عودته بفارغ الصبر. في المقابل، أكدت الأمانة أن الزامل يشغل الشارع بطاولات العرض ومعدات البيع، وكان لزاماً عليها أن تزيل هذه الأشياء وفق الأنظمة المعمول بها. الزامل شاب سعودي، اضطرته ظروف أسرته القاسية إلى ترك الدراسة في سن مبكرة، والتوجه إلى العمل في أسواق الخضار في الأحساء قبل 17 عاماً، فكان أحد السعوديين القلائل في السوق التي تعج بالتجار والبائعين الوافدين من كل الجنسيات. ولا يصدق الزامل ما حدث له من قبل مسؤول الأمانة، ويقول: «أبيع الخضراوات والتمر والفواكه واللوز في أسواق الأحساء منذ 17 عاماً، وبعد هذه السنوات الطويلة، تلقيت إنذاراً من مسؤول الأمانة يطالبني فيه بإزالة بسطتي من طريق مزارع الهفوف، بحجة أن الوقوف في هذا المكان مخالف، ونسي هذا المسؤول أن هذا المكان يعج بالبائعين الأجانب الذين ينافسوننا -نحن السعوديين- في هذه المهنة، ويتغلبون علينا بأساليب عدة». ويضيف الزامل: «أنا إنسان قنوع جداً، أرضى بما قسمه الله لي من رزق، ولم أتعلم أي مهنة أخرى، سوى بيع المنتجات الزراعية في الطرق والأسواق، ومن ربح هذه المهنة، أنفق على زوجتي وابنتي (6 سنوات) وابني (عامان ونصف العام). ويقول: «أمتلك منزلاً صغيراً، أعفاني من بند الإيجار، جمعت ثمنه مما كسبته من هذه المهنة، وكانت حياتي هادئة وسعيدة، ولكن انقلبت رأساً على عقب بقرار موظف الأمانة، الذي أراد أن يقطع عيشي بحجة تطبيق النظام». وتابع: «لن أترك مهنتي مهما حصل، فليس لي بديل عنها، وسأحافظ عليها». ونفى الزامل ما تردد بأن أمانة الأحساء قد منحته «كشكا» في متنزه الملك عبدالله للبيع فيه، وقال: «لم يحدث هذا الأمر». وأضاف الزامل تعليقاً على مقطع الفيديو الذي انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، ويظهر فيه مسؤول البلدية، وهو ينذره بمغادرة المكان: «هذا المقطع أفادني كثيراً، وجعل كثيرين يتعاطفون معي، وبخاصة رجال الأعمال الذين عرضوا علي الانضمام إلى مؤسساتهم وشركاتهم للعمل فيها، ولا أخفيك أنني أدرس هذه الوظائف، لاختيار المناسب لي منها». من جهته، أوضح المتحدث الرسمي لأمانة الأحساء خالد بووشل، أن «الأمانة رصدت الزامل وهو يمارس البيع الجائل عدة مرات في طريق عين اللويمي المؤدي إلى عين الأخدود». ويتابع: «المواطن يضع طاولات العرض ومعدات في مواقع البيع لحجزها واستخدامها في اليوم التالي، ولا يرفعها فترات طويلة، الأمر الذي يشوّه المظهر العام ويضايق مرتادي الطريق ويعرِّضهم ونفسه للخطر». وأكد بووشل عدم «منع الزامل بشكل مباشر من البيع»، مبيناً أن «الأمانة طلبت منه رفع الأخشاب والحديد والارتداد عن الطريق وفق ما نصّت عليه الأنظمة واللوائح».