أفادت منظمة «أطباء بلا حدود» بتلقِّي اللجنة الدولية الإنسانية لتقصي الحقائق طلباً من دولةٍ لم يُكشف اسمها بالتحقيق في القصف الأمريكي على مستشفى في قندوز شمال أفغانستان، في وقتٍ بدأ سكان المدينة العودة إلى مناطقهم بعد إعلان انسحاب حركة «طالبان» منها. لكن مشاعر الخوف من عودة المتمردين لا تزال سائدة حتى مع إجراءاتٍ لتطبيع الحياة. وأسفر قصف أمريكي لمستشفى في قندوز تديرها «أطباء بلا حدود» عن مقتل 22 شخصاً في ال 3 من أكتوبر الجاري. وأعلنت المنظمة، في بيانٍ لها أمس، توصُّلَها إلى ما يفيد بتقديم دولةٍ لم يُكشَف اسمها طلباً بالتحقيق في الحادث إلى اللجنة الدولية الإنسانية لتقصي الحقائق، التي لم تُفعَّل منذ تأسيسها عام 1991. وأكد البيان انتظار اللجنة موافقة حكومتي الولاياتالمتحدةوأفغانستان للتحرك، مشدداً على عدم إمكانية الاعتماد على التحقيقات الداخلية التي تجريها واشنطن وكابول وقوة حلف شمال الأطلسي. واعتذر البيت الأبيض الأسبوع الماضي عن القصف، مؤكداً أنه تمَّ نتيجة خطأ. لكن «أطباء بلا حدود» رأت أن التعازي التي تلقتها ليست كافية، وذكَّرت بأن الضربات الجوية دامت أكثر من ساعة على «مستشفى معروف مليء بالمرضى والعاملين الطبيين». وتتطلع المنظمة، التي ترأسها جوان ليو، إلى اشتمال التحقيق المنتظَر على أدلَّة من الولاياتالمتحدةوأفغانستان وحلف شمال الأطلسي إضافة إلى شهادة عاملين طبيين ومرضى نجَوا من الهجوم. وأقرّت جوان ليون بتلقيها كثير من الاعتذارات والتعازي «لكن هذا ليس كافياً». وتضم «الدولية الإنسانية لتقصي الحقائق»، التي تأسست عام 1991 بموجب اتفاقات جنيف لحماية المدنيين، 15 خبيراً، لكن دورهم لم يُفعَّل. وتقع سكرتارية اللجنة في العاصمة السويسرية، بيرن. وفي قندوز حيث يقع المستشفى المقصوف؛ بدأ السكان أمس العودة إلى منازلهم بعد إعلان «طالبان» انسحابها وسط مخاوف بمعاودة مسلحي الحركة هجومهم. وأبلغ سكان ومسؤولون في المدينة بإعادة الكهرباء والمياه جزئياً إلى الأحياء، في وقتٍ استأنفت بعض المحال التجارية نشاطاتها بعد مرور أسبوعين على هجوم المتمردين. لكن آثار حرب الشوارع تبقى واضحة على المباني، التي اخترقها الرصاص. ويسود ترقُّب رغم بدء تطبيع الحياة بعد وصف «طالبان» انسحابها ب «التكتيكي» وتلمحيها إلى إمكانية تنفيذ هجوم جديد. ولا يزال أجمل كاكار، أحد السكان، يشعر بالخوف «رغم طلب قوات الأمن منَّا العودة إلى مدينتنا». وبالنسبة له؛ اقتصرت العودة على مَنْ لم يعثروا على مسكن في المدن المجاورة. وبدا نائب رئيس المجلس الإقليمي لقندوز، عمر الدين والي، أكثر تفاؤلاً، إذ قال «عادت الحياة إلى طبيعتها وفتحت المحال التجارية أبوابها واستأنف التجار نشاطاتهم». لكنه أقر بأن «الناس لا يزالون خائفين من استئناف المعارك». وأظهرت مشاهد بثَّها التليفزيون الأفغاني تنفيذ قوات الأمن دوريات في الشوارع ونزعها علم «طالبان» من على المباني الحكومية. ولدى احتلالهم المدينة لمدة ثلاثة أيام؛ أحرق المتمردون مباني حكومية وقتلوا مناهضين لهم وأفرجوا عن مئات السجناء. واتهِمَت الحركة أيضاً بانتهاك حقوق الإنسان بما في ذلك القتل الجماعي والاغتصاب، وفقاً لمنظمة العفو الدولية. وروى نفيد، وهو طالب يبلغ 23 عاماً، أنه لزِم المنزل مع أفراد أسرته خلال فترة الأيام الثلاثة قبل أن يفرّوا عبر سيارة. وذكر أنه حينما خرج من المنزل وجد مقاتلي «طالبان» يتحدثون بالفارسية والبشتونية ويطلبون ممن يعملون لحساب الحكومة تسليم أنفسهم «لكنهم لم يكونوا يعتمرون العمامة». ويتصاعد القلق من لجوء الحركة المتمردة إلى إستراتيجية جديدة أكثر جرأة لإعادة إحكام سيطرتها على البلاد. وهدد حوالي ألفي عنصر متمرد بالهجوم على مدينة غزنة (جنوب شرق) الإثنين الماضي ما أدى إلى وقوع مواجهات عنيفة في محيطها. والأسبوع الماضي؛ حاولت مجموعات مسلحة الهجوم على ميمنة عاصمة ولاية فارياب الشمالية. إلى ذلك؛ أعلن حلف شمال الأطلسي مساء أمس الأول تنفيذ القوات الأمريكية والأفغانية واحدة من أكبر العمليات المشتركة في ولاية قندهار (جنوباً) ما أسفر عن تفكيك معقل لتنظيم القاعدة الإرهابي.