تمثل الصحة النفسية مطلباً مهماً لسعادة كل إنسان وهي جزء رئيس من الصحة الإنسانية العامة، فوجودها يؤثر إيجاباً على جميع جوانب حياة الإنسان، وغيابها أو ضعفها يسبب نقصاً في صحة الإنسان العامة، ويحرمه الاستمتاع بالحياة الطيبة والإنجاز فيها. وتُعرِّفُ منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية على أنها قدرة الفرد على تكوين علاقات ناجحة مع الآخرين، والمشاركة في تغيير بناء البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها، وإشباع حاجاته الأساسية بصورة متوازنة، وإنماء شخصيته لتكون قادرة على تحقيق الذات بصورة سوية ويعرَّف بعض الباحثين الصحة النفسية بأنها القدرة على مواجهة الأزمات النفسية الاعتيادية التي تمر وتطرأ على الإنسان بصورة متكررة، ويرافق تلك القدرة إحساس إيجابي بالسعادة والكفاية، وأن يكون لدى هذا الإنسان قدرة عالية على إشباع أكبر قدر من حاجاته الأساسية كالأمن والحب وإثبات الذات والنجاح والإنجاز وبصورة متوازنة. ومن أهم مكونات الصحة النفسية الإحساس الإيجابي بالسعادة والرضا والهدوء والسكينة الداخلية، ومن أعظم ما يحقق ذلك عبادة الله -عز وجل- وطاعته وحسن الصلة والمحافظة على أداء أوامره واجتناب نواهيه وإسعاد القلب والروح بكثرة ذكره سبحانه وتعالى.. ومكون ثانٍ يعتمد على النجاح والإنجاز وتحقيق الذات؛ فالإنجازات تشعر المرء بقيمته وذاته وتضفي على حياته سعادة نفسية غامرة، وقد قيل «قيمة المرء ما ينجزه».. وكذلك المشاركة في البناء الاجتماعي؛ فالإنسان مدني بطبعه، والمشاركات في البرامج الاجتماعية الإيجابية والأعمال التطوعية والخيرية لها انعكاس نفسي إيجابي هائل جدا على الصحة النفسية للفرد.. وإشباع الحاجات الإنسانية الأساسية بصورة متوازنة؛ فحرمان الإنسان من هذه الحاجات الأساسية ينقص من الصحة النفسية لديه ويجعله يعيش مضطرباً وغير مستقر.. وقدرة الفرد على تجاوز الأزمات والصعوبات الحياتية؛ فالحياة مليئة بالأكدار والمنغصات «لقد خلقنا الإنسان في كبد»، ولذلك فإن من مقتضيات الصحة النفسية الإيجابية لدى الفرد أن يكون قادرا على التعامل مع ضغوط الحياة وصعوباتها بصورة إيجابية بحيث لا تؤثر هذه المنغصات على سعادته وصحته النفسية.