كثَّفت الطيران الروسي من طلعاته الجويَّة في الأجواء السورية عبر تنفيذه 88 طلعةً «أصابت 86 هدفاً إرهابياً خلال الساعات ال 24 الأخيرة»، في وقتٍ شن الكرملين هجوماً كلامياً على البيت الأبيض متهماً إياه ب «التشوش» وعدم التعاون في مجال مكافحة المتطرفين. وفيما دفعت المعارضة المسلحة المناهضة لبشار الأسد بمقاتلين وصواريخ إلى خطوط الجبهة لصد هجومٍ للنظام؛ استقبل مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل مسؤولين إيرانيين «لبحث سبل إنهاء الأزمة». ونبَّه الاتحاد، على لسان وزيرة خارجيته، إلى وجوب إيجاد حل سياسي «بمشاركة كل الأطراف». وأعلنت وزارة الدفاع الروسية صباح أمس الثلاثاء تنفيذ مقاتلاتها 88 طلعةً جويَّةً استهدفت 86 موقعاً للإرهابيين في سوريا «خلال الساعات ال 24 الأخيرة». وأفاد المتحدث باسم الوزارة، إيغور كوناشينكوف، باستهداف هذه الطلعات، التي نفذتها القاذفات التكتيكية سوخوي24- وطائرات سوخوي24- إم وسوخوي25- إس إم، أهدافاً في محافظات الرقة وحماة وإدلب واللاذقية وحلب، متحدثاً عن «تدمير مراكز قيادة ومخازن ذخيرة وأسلحة وآليات عسكرية ومشاغل لصنع متفجرات ومعسكرات تدريب تابعة لتنظيم داعش الإرهابي». وأبرز المتحدث، في بيانٍ له، تدمير مقرٍ لقيادة التنظيم المتطرف على بعد 16كم شمال غرب حلب، وخندقٍ كانت تُخزَّن فيه ذخائر في محافظة حماة ومركز قيادةٍ آخر في مدينة الباب في محافظة حلب «حيث أصيب رتلٌ من آليات تنقل الوقود والذخائر أيضاً». واعتبر كوناشينكوف أن «الإرهابيين خسِروا قسماً كبيراً من ذخائرهم وأسلحتهم الثقيلة ومعداتهم العسكرية بفضل ضرباتنا»، التي بدأت في 30 سبتمبر الفائت. وكشف عن رصد بلاده لجوء مقاتلي «داعش» إلى كل الوسائل «لإيصال الذخائر والوقود إلى خط الجبهة مع القوات الحكومية في محافظة الرقة». لكنه استدرك قائلاً «اليوم؛ لم تعد هناك قوافل، لكن مجموعات من آليات تنتقل خلال الليل حاملة التموين للإرهابيين». و88 ضربة رقمٌ قياسي حتى الآن للحملة الجوية الروسية، التي بدأت بمعدل عشرين ضربة يومياً ووصلت قبل يومين إلى خمسين. في الوقت نفسه؛ ندَّدت موسكو بما سمَّته عدم تعاون واشنطن معها في الساحة السورية. ووجَّه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، انتقادات حادة إلى الأمريكيين، ووصف تفكيرهم ب «المضطرب» و»المشوَّش ذهنياً». وذكر خلال مشاركته أمس في منتدى اقتصادي في عاصمة بلاده أن حكومته طلبت من الولاياتالمتحدة تزويدها بلائحة أهداف في سوريا «لكنها لم ترد» و«كان الجواب: لا، نحن غير مستعدين لذلك». وأكد بوتين أنه عاد وطرح سؤالاً آخر على واشنطن وهو «قولوا لنا أين يجب أن نضرب، لكن لا جواب هنا أيضاً، وهذه ليست مزحة ولم أفبرك ذلك»، متسائلاً «كيف يكون ممكناً العمل معاً؟». وفي بروكسل؛ ناقش مسؤولون من الاتحاد الأوروبي وإيران سبل إنهاء الأزمة ومحاربة «داعش»، وفق بيان. وعقدت وزيرة خارجية الاتحاد، فيديريكا موغيريني، اجتماعاً مع نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين عبداللهيان، دام ثلاث ساعاتٍ أمس، وأعقبته محادثات بين مسؤولين من الجانبين. وأعلن بيانٌ أوروبي «اتفاق الجانبين على أن مساراً سياسياً بمشاركة كل الأطراف كفيلٌ وحده بضمان استقرار الوضع في النزاع في سوريا»، داعياً مَنْ سمَّاهم «الفاعلين الإقليميين والدوليين» إلى بذل «جهدٍ مشترك». ولفت البيان إلى «إلقاء الضوء على الوضع الإنساني الصعب في النزاع، الذي أوقع نحو 250 ألف قتيل وأدى إلى نزوح 12 مليون شخص» على مدى أكثر من أربع سنوات. وتدعم طهران نظام بشار الأسد عسكرياً واقتصادياً، وينخرط مقاتلوها في معارك ميدانية. وكان وزراء الخارجية الأوروبيون وموغيريني شدَّدوا أمس الأول على رفضهم أي دور للأسد في مستقبل بلاده، وطالبوا بعملية انتقالية شاملة وصولاً إلى تشكيل حكومة يمكن أن تضم ممثلين عن النظام. إلى ذلك؛ أبلغت واشنطن عن «اقتراب طائرات أمريكية وروسية من بعضها فوق سوريا حتى باتت في نطاق التعرف البصري»، معتبرةً أن «الحادث يسلِّط الضوء على الحاجة إلى بروتوكولات للسلامة الجوية». وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، وهو الكولونيل ستيف وارين، إن «الطائرات كانت على بعد أميال من بعضها البعض» السبت الماضي، وهو اليوم نفسه، الذي عقد فيه الجيشان الأمريكي والروسي محادثاتٍ للمرة الثانية بشأن بروتوكولات السلامة الجوية. لكن وارين وصف تصرف طواقم الطائرات من البلدين ب «احترافي». ميدانياً؛ تحدثت مصادر مناهضة للأسد إضافةً إلى المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس عن نشر مزيد من المقاتلين والأسلحة «بما في ذلك عدد كبير من الصواريخ المضادة للدبابات للتصدي لهجمات برية يشنها النظام». وبمساعدةٍ من حزب الله اللبناني وجنودٍ إيرانيين؛ تحاول حكومة دمشق طرد مقاتلي المعارضة من المناطق الغربية. وأشار مرصد حقوق الإنسان إلى «معركة مستمرة من أجل السيطرة على بلدة كفر نبودة في محافظة حماة (وسط)» بعد يومٍ من زعم الحكومة سيطرتها على البلدة. وقدَّر المرصد عدد ضحايا القوات النظامية في المعركة ب 25 على الأقل. وفي محاولةٍ لصد الهجمة الحكومية؛ نشرت جماعات مسلحة معارِضة أسلحة ومقاتلين. وأفصح العقيد السابق المنشق عن الجيش قائد لواء «فرسان الحق» حالياً، فارس البيوش، عن «نشر عددٍ من جماعات المعارضة (..) التي تنشط تحت لواء الجيش الحر صواريخ مضادة للدبابات على طول خط المواجهة الممتد من كفر نبودة حتى بلدة معان على بعد نحو ثلاثين كم إلى الشرق». والهدف هو الحيلولة دون تقدُّم جنود الأسد والميليشيات الداعمة لهم من مورك إلى خان شيخون الواقعة تحت سيطرة المعارضين. وتقع البلدتان على طريق سريعة من الشمال إلى الجنوب تربط مدينة حماة بحلب وإدلب. ولاحظ العقيد البيوش امتلاك المعارضة عدداً ممتازاً من صواريخ تاو الأمريكية الموجهة المضادة للدبابات لضرب آليات النظام. وكشف عن «نشر منصات إطلاق الصواريخ على طول خط المواجهة»، متوقِّعاً «تحرُّك مقاتلينا للهجوم وليس للدفاع فقط». وزوَّدت دول أجنبية عدداً من جماعات المعارضة بصوايخ تاو عبر غرفة عمليات في تركيا. ووفقاً لمدير مرصد حقوق الإنسان رامي عبدالرحمن؛ فإن «عدداً كبيراً من (تاو) استُخِدَم خلال الأيام الماضية، حيث أثبتت الصواريخ فاعلية». والهدف الأول لقوات النظام هو التقدم شمالاً تجاه محافظة إدلب، التي سيطرت عليها المعارضة بالكامل خلال هجومٍ موسَّع قبل أشهر. وأفادت مصادر على علم بالتطورات السياسية والعسكرية ب «إعادة حزب الله نشر كل مقاتليه في البلاد للمشاركة في المعركة في الشمال الغربي». وقُتِل عنصر من الحزب أمس الأول في إدلب، كما قتل القيادي فيه، حسن الحاج، في المنطقة ذاتها في الأيام الأخيرة. وبين إدلب وحماة؛ وصل مقاتلون وأسلحة تابعون لحركة «أجناد الشام» المعارِضة إلى منطقة سهل الغاب، بحسب مقاتل يُدعى أبو البراء الحموي. وبيَّن الحموي أن «التعزيزات وصلت من حزب تركستان الإسلامي ومن جماعات أخرى معارضة».