استأنفت الحكومة السودانية أمس محادثاتٍ مع جماعاتٍ مناهضةٍ ومتمردةٍ، لكن بمشاركة حزبٍ واحدٍ فقط من الأحزاب الرئيسة في المعارضة، فيما حثَّ الرئيس، عمر البشير، المقاطعين على الانخراط في الحوار الذي يحمل شعار «وطن يسع الجميع» مقابل وقفٍ لإطلاق النار. وتواجه الحكومة تمرداً في إقليم دارفور منذ عام 2003، وتمرداً آخر في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان منذ انفصال جنوب السودان قبل4 سنوات. ووافقت 18 جماعة معارضة في مطلع العام الماضي على المشاركة في مصالحة وطنية رسمية، لكنها انسحبت لاحقاً ما ألقى بظلالٍ من الشك على مستقبل أي حوار. وتعهد الرئيس، الذي وصل إلى الحكم عام 1989، ب «عدم غلق الأبواب»، داعياً المتمردين والأحزاب المقاطِعة إلى الانضمام للحوار الوطني لصياغة رؤية مستقبلية للبلاد. وأشار عمر البشير، في كلمة له خلال بدء المحادثات أمس بحضور نظيره التشادي إدريس ديبي وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي، إلى إمكانية إقرار وقف إطلاق نار دائم وشامل «إذا أظهر الطرف الآخر رغبته في وقف العدائيات». ولم يشارك في انطلاقة الحوار إلا حزب واحد من أحزاب المعارضة الرئيسة، وهو المؤتمر الشعبي الذي انفصل عن المؤتمر الوطني الحاكم عام 1999، بينما يرفض تحالف قوى الإجماع الوطني المشاركة. ويطالب التحالف الرئاسة بإلغاء قوانين أمنية وصحفية وإطلاق سراح معتقلين سياسيين قبل الدخول في مفاوضات. وقَّلل المتحدث باسمه، أبو بكر يوسف، من جدوى الجلوس مع الحكومة حالياً، معتبراً أن «النظام غير جاد في مسألة التوصل لتسوية سياسية». وذكَّر ب «وجوب أن يسبق الحوار تهيئة المناخ السياسي بإيقاف الحرب، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وإطلاق سراح المعتقلين والمحكومين في قضايا سياسية»، مُجدِّداً اقتراح التحالف تشكيل حكومة انتقالية قومية تشرف على مسألة المفاوضات وتنفيذ توصياتها. وتشمل المقاطعة جماعات التمرد المسلح التي رفضت سابقاً عروضاً بالعفو الرئاسي. ورأى زعيم الجبهة الثورية، عبدالله مرسال، أنه كان يجب نقل المحادثات إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وفقاً لقرار صادر عن الاتحاد الإفريقي في سبتمبر الفائت. وشدد على أن الجبهة، التي تضم عدداً من المجموعات المتمردة، لن تشارك في جلسات «مثل تلك التي تجرى في الخرطوم ويُتّخَذ قرار بشأنها من جانب واحد». ومدَّ البشير (72 عاماً) بقاءه في السلطة في إبريل الماضي عندما انتُخِبَ لولاية رئاسية جديدة بنسبة تتجاوز 94% في اقتراعٍ قاطعته معظم الجماعات المعارضة. ويعاني السودان من أزمة اقتصادية منذ انفصال الجنوب عنه عام 2011، ما حرم الخرطوم من أكثر من 70% من عائداتها النفطية.