أعلن الحرس الثوري الإيراني مقتل أحد أهم قادته قرب مدينة حلب في شمال سوريا، في وقتٍ كشفت واشنطن عن إدخال تعديلاتٍ على برنامجها لتدريب المقاتلين المعتدلين المناهضين لبشار الأسد، فيما شنَّت فرنسا ضربتها الجوية الثانية في مدينة الرقة. وأفاد الحرس الثوري بمقتل الجنرال، حسين همداني، في ساعة متأخرة أمس الأول حينما كان يُقدِّم المشورة لجيش الأسد. وعلى الرغم من كونها علمانية؛ تتلقى حكومة دمشق دعماً عسكرياً من جبهة تقودها طهران بمعاونة ميليشيات عراقية ولبنانية تحت مسمى «المقاومة الإسلامية». ونسب الحرس الثوري إلى همداني أداء ما سمَّاه «دوراً مهماً في تعزيز جبهة المقاومة الإسلامية ضد الإرهابيين». ويصف الأسد جميع معارضيه ب «الإرهابيين»، وهو التعريف الذي يعتمده النظام الإيراني وميليشيا حزب الله. وخاض همداني الحرب العراقية- الإيرانية بين عامي 1980 و1988، وتولَّى منصب نائب قائد الحرس الثوري في عام 2005. وتنسِب مصادر إليه تنظيم صفوف قوات «الدفاع الوطني»، وهي ميليشيا سورية تقاتل إلى جانب الحكومة. ووفقاً للنائب الإيراني إسماعيل كوثري؛ عاد الجنرال همداني إلى بلاده بعدما قدم استشارات عسكرية لنظام الأسد على مدى سنوات. «لكنه سافر إلى سوريا مؤخراً بسبب معرفته العميقة بالمنطقة»، بحسب كوثري. وكان مصدران لبنانيان أبلغا وكالة الأنباء «رويترز» قبل أسبوع بدخول مئات الجنود الإيرانيين إلى الأراضي السورية للمشاركة في هجوم بري موسع سيشنه النظام على معارضيه في مناطق الغرب وشمال الغرب. في سياقٍ آخر؛ أفصح وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر، عن موافقة البيت الأبيض على إدخال تعديلات على برنامج تدريب المعارضة السورية المعتدلة. وعُلِّقَ البرنامج في نهاية سبتمبر الفائت بعد نتائجه المخيِّبة للآمال. وستركز التعديلات على تحسين الفاعلية، بحسب مسؤول أمريكي كبير. وتحدث الوزير كارتر، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني مايكل فالون، عن «وضع خيارات عدة للمستقبل»، موضِّحاً أن «الرئيس باراك أوباما سيتحدث قريباً عن الاقتراحات التي وافق عليها». وفي نهاية الشهر الفائت؛ أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تعليق برنامج تدريب المعارضة السورية المعتدلة لإعادة النظر فيه بعدما كانت أطلقته في بداية العام بتكلفة 500 مليون دولار ليشمل 5 آلاف مقاتل بهدف التصدي لتنظيم «داعش». لكن نتائجه جاءت كارثية، إذ شَمِلَ التدريب مجموعتين تضمان 124 مقاتلاً فقط. وتعرضت المجموعة الأولى إلى هجومٍ من جبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة. وفي باريس؛ أفاد وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، بشنِّ مقاتلات بلاده ليل الخميس- الجمعة ضربة جوية ثانية ضد تنظيم «داعش» في سوريا. وأبلغ لودريان إذاعة «أوروبا – 1» بأن «مقاتلتين (قاذفتين) من طراز رافال قصفتا معسكر تدريب تابعاً للتنظيم وأصابتا الأهداف». وتعهد ب «تنفيذ ضربات أخرى ضد مواقع يُعِدُّ فيها التنظيم عناصره لتهديدنا». واستهدفت المقاتلتان، ترافقهما مقاتلات أخرى من الطراز نفسه، مُجدَّداً معسكراً للتدريب في مدينة الرقة، كما حصل في الغارة الفرنسية الأولى في 27 سبتمبر الفائت. وأشار لودريان إلى أن المعسكرات الموجودة على مشارف الرقة باعتبارها مواقع لتدريب المقاتلين الأجانب «ليس لأجل القتال في المنطقة بل للمجيء إلى أوروبا وتنفيذ اعتداءات»، مشدداً على وصف «داعش» ب «عدو» لبلاده. وذكرت هيئة الأركان الفرنسية أن العملية التي نُفِّذَت مساء أمس الأول استهدفت «مواقع تمّ تحديدها خلال رحلاتٍ استطلاعية يقوم بها الجيش منذ شهر فوق سوريا». و«يختبئ قياديو تنظيم الدولة الإرهابي داخل مدارس ومساجد ومستشفيات ما يزيد من صعوبة عمل الائتلاف الدولي لأننا لا نريد وقوع خسائر بشرية»، بحسب الوزير الفرنسي الذي اتهم التنظيم ب «اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية في العراقوسوريا (..) بحيث يكون الأطفال والنساء والمدنيون في الخطوط الأمامية». إلى ذلك؛ دعا لودريان جميع الدول التي تنفذ عمليات في الأجواء السورية إلى تفادي كل الحوادث التي تؤدي إلى تصعيد عرضي أو مفتعل، منبهاً إلى أهمية تحلِّي الجميع بأكبر قدرٍ من المسؤولية. وتزامنت هذه التصريحات مع دعوة إسبانية- ألمانية إلى الحوار بين واشنطن وموسكو لإيجاد حل سياسي للنزاع السوري. ولفت وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، إلى «صعوبة إطلاق عملية سياسية في دمشق إذا كانت القوتان الكبريان العالميتان في نزاع». ورأى أن الأولوية هي للتقريب بين الولاياتالمتحدةوروسيا. ودافع شتاينماير، خلال مؤتمر صحفي أمس في مدريد بحضور نظيره الإسباني خوشيه مانويل غارسيا- مارغالو، عن 3 مبادئ تشكِّل قاعدة للمفاوضات؛ وهي «ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سوريا» و»إقامة دولة علمانية تحترم الأقليات الدينية والإثنية» و«تشكيل حكومة انتقالية ما دامت المؤسسات لم تشهد حالة انهيار تام». وحثَّ الوزير الألماني المسؤولين الأمريكيين والروس على مواصلة التحاور «لأنه لا تزال هناك مصالح مشتركة بينهما». وعبَّر الوزير الإسباني عن موقفٍ مماثل. وقال «من الضروري أن يتعاون جميع الفرقاء، تركيا والسعودية من جهة وإيران من جهة أخرى، ومن الأهمية البحث عن صيغ تعاون بين روسياوالولاياتالمتحدة». في الوقت نفسه؛ أفاد غارسيا- مارغالو باتفاق برلينومدريد على أن «الأسد لا يستطيع أن يكون جزءاً من الحل النهائي بالنظر إلى سوابقه الإجرامية».