إن التوجه الإستراتيجي في دعم الابتكار والإبداع للمملكة، يُحتّم ضرورة إنشاء صندوق لتنمية هذا النوع من الاستثمار، الذي يهدف إلى تنظيم وزيادة فاعلية وكفاءة عملية تمويل وتبني الأفكار والابتكارات الإبداعية، وتحويلها إلى منتجات معرفية ذات قيمة اقتصادية عالية والحد من الاعتماد على الاقتصاد التقليدي، بحيث يعمل صندوق تنمية الاستثمار المعرفي على أسس وآليات واضحة، لتّبني وتشجيع وتنمية الموارد البشرية ذات القدرات الإبداعية لتطوير الصناعات المعرفية، وذلك بتقديم الدعم الكافي لاستكمال وبلورة الأفكار والابتكارات الإبداعية حتى يتم تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع. إن صندوق الاستثمار المعرفي يُساهم مساهمة كبيرة في دعم جهود نقل وتوطين التقنية، خاصة في الميادين ذات الأولوية الإستراتيجية للمملكة. وسيكون الصندوق حافزاً حقيقياً لتوسيع قاعدة المستفيدين من برامج البحوث والابتكار في المملكة، التي تمر حالياً بمرحلة تعتمد التنمية فيها على إنتاج المعرفة وليس على مجرد استهلاكها. إنّ من أهم متطلبات نجاح صناديق التنمية أن يكون لها لوائح وأنظمة تحكم أعمالها وتعكس رؤيتها وأهدافها، وهذا ينطبق بشكل كبير على صندوق تنمية الاستثمار المعرفي، حيث إن قرار تأسيس شركة وادي الرياض وشركة وادي جدة وشركة وادي الظهران للتقنية، وهي شركات متخصصة في الاستثمار المعرفي تتمتع بأنظمة ولوائح واضحة ورصينة، مما يؤيد تأسيس صندوق تنمية الاستثمار المعرفي. إنّ هذا الصندوق يعمل على ترويج ثقافة الإبداع والابتكار، كما سَيدعم قيام شركات محلية معنية بصناعة التقنية الحديثة وخدمات البحث والتطوير وتأمين المناخ المناسب لإزدهاره في المملكة. وسَيُمهد هذا الصندوق إلى الارتقاء بعدد من القطاعات الإنتاجية والتحول بالاقتصاد الوطني إلى اقتصاد معرفي. سَيدعم التوجه الإستراتيجي للمملكة في مواكبة التوجهات العالمية الحديثة في الاستثمار المعرفي، والإسهام في بناء اقتصاديات المعرفة وبأعلى المقاييس العالمية، وذلك من خلال تهيئة البيئة الملائمة لتأسيس شركات معرفية في المملكة. كما سَيدعم جهود نقل وتسويق وتوطين التقنية، خاصة في الميادين ذات الأولوية الإستراتيجية للمملكة، والابتكار والاختراع والإبداع الفكري وتحويله إلى منتجات معرفية ذات قيمة اقتصادية عالية، وتشجيع وتنمية الموارد البشرية ذات القدرات الإبداعية لتطوير الصناعات المعرفية. وسيعمل على زيادة فاعلية وكفاءة عملية تمويل وتبني الأفكار والابتكارات الإبداعية، من خلال صندوق موحد لتنمية الاستثمار المعرفي السعودي، ودعم الجهود الرامية لإيجاد تشريعات قانونية ملائمة تحفظ حقوق الملكية الفكرية والابتكارات، بما يشجع الجهات المختصة على مزيد من الاستثمار في مجال تقنية المعلومات والمعرفة. وللاستفادة من الاقتصاد المعرفي وتعزيزه، لابد من الاستفادة أولاً من التجارب الرائدة في تطبيقات الاقتصاد المبني على المعرفة في الدول المتقدمة في هذا المجال، وإيجاد الحوافز التي تخلق الطلب على المعرفة، وتُشجع المنافسة، وتعزز روح المبادرة وتساعد على اكتشاف المواهب، والعمل على تمكين وتشجيع مبادرات وابتكارات القطاع الخاص. تنظيم ومراجعة البيئة التشريعية والقانونية الداعمة لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وغيرها من محاور اقتصاد المعرفة، يما يدفع نحو تحقيق مزيد من ممارسات الاقتصاد المعرفي، وبناء المعرفة الجديدة من خلال الاهتمام بالبحوث الأساسية، وزيادة الإنفاق المخصص لنشاطات البحث والتطوير، ونقل التقنية وتوطيدها، والتركيز على تحقيق التكامل بين الجامعات والمعاهد المتخصصة، ومراكز البحوث، والمؤسسات، التي تُعد مراكز لتوليد المعرفة والحصول على التقنية. بناء المؤشرات والتطورات المعرفية في مؤسسات دول مجلس التعاون الخليجي، وتبادلها من خلال تكوين لجنة رفيعة المستوى تتبع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون، بحيث تعمل من خلالها مجموعات عمل متخصصة تغطي محاور الاقتصاد المعرفي، وإدخال مقررات الاقتصاد المعرفي في المؤسسات التعليمية والأكاديمية في دول مجلس التعاون، وربط مخرجات التعليم والتدريب بحاجة سوق العمل، واستحداث مناهج وطرق تعليم عصرية ومتقدمة، تتضمن تنمية المهارات المعرفية والسلوكية والتنظيمية، وتزويد الجامعات ومراكز البحوث العلمية بحاجتها من مصادر المعرفة والأجهزة التقنية المطورة. توجيه الموارد الاقتصادية نحو الصناعات المعرفية، بما يوازي حجم الموارد الموجهة نحو الاستثمارات في قطاعات البناء والسياحة والرياضة والترفيه، وتوفير المزيد من حوافز الاستثمار التقني، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز منافستها في الأسواق الخارجية، ودعم بناء المجمعات التكنولوجية، ولابد من الابتكار في التمويل ووجود الحلول التمويلية لدعم الابتكار وريادة الأعمال المبنية على الابتكار. كنا لابد من التركيز على التمكين الإداري للمدارس والعملية التعليمية لدعم دمج التقنية خلال العملية التعليمية، ودعم الاقتصاد المعرفي للأطفال وتطوير العملية التعليمية الاستثمار المعرفي، هو الاستثمار الذي يحقق منفعة من توظيف المعرفة المتولدة في المؤسسات البحثية والأكاديمية واستغلال معطياتها في تقديم مُنتجات أو خدمات متميزة، جديدة أو مُتجددة، يُمكن تسويقها وتحقيق الأرباح منها وتوليد الثروة من خلالها. ولتحقيق ذلك، فإن الاستثمار المعرفي يعمل على تنويع مصادر الدخل وتوفير فرص العمل والوظائف، ليس للمؤهلين معرفياً فقط، بل للمبدعين والمبتكرين ولأصحاب المهارات أيضا، وبالتالي يحد من بطالة المثقفين وأصحاب المؤهلات العالية. فالاستثمار المعرفي هو استثمار في العقول والأموال، وهو أكثر أهمية وفاعلية من الاستثمارات الأخرى التي تقوم على الصناعة فقط.