فيما كشف تقرير أممي عن حاجة نحو نصف سكان ليبيا تقريباً إلى مساعدات إنسانية وحماية بعد تأثر حياتهم بالنزاعات المسلَّحة؛ دعت الدول الأعضاء في الأممالمتحدة الفصائل الليبية إلى الموافقة على اتفاق سلامٍ بوساطة المنظمة الدولية. ووعدت الدول الأعضاء بتقديم مساعدة دولية لإعادة إعمار هذا البلد، محذرةً من تأجيل إنهاء الصراع أكثر من ذلك، في وقتٍ صدر تحذيران مماثلان عن واشنطن والقاهرة. وبعد محادثات متعثرة بين حكومةٍ معترفٌ بها في طبرق وأخرى غير معترفٍ بها في طرابلس؛ سلَّم المبعوث الأممي، برناردينو ليون، جميع الأطراف مسودَّة نهائية لاتفاق سلام تم التوصل إليه في 21 سبتمبر الماضي. وتستهدف خطة ليون إنهاء القتال بين الحكومتين المتنافستين والجماعات المسلحة التي تدعمهما. وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة الأممية في نيويورك؛ علَّق وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بالقول «لا وقت لإهداره، نعلم جميعاً التهديدات التي سيأتي بها مزيد من التردد». وتعهَّد كيري بدعم بلاده الليبيين في كل خطوة «إذا اتخذوا القرارات السليمة وشكلوا حكومة وحدة وطنية حقيقية». وكان الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، قال الإثنين الماضي إنه كان على العالم بذل مزيد من الجهد لتفادي فراغ القيادة في ليبيا. ويأمل برناردينو ليون أن توقِّع الفصائل الاتفاق بحلول 20 أكتوبر الجاري حين تنتهي ولاية البرلمان المنتخَب ومقره طبرق شرقاً. وبعد الإطاحة بنظام معمر القذافي؛ تعثَّرت عملية الانتقال السياسي في طرابلس بفضل الخلافات، واندلعت مواجهات مسلحة بلغت ذورتها العام الماضي مع سيطرة فصائل مسلحة على العاصمة في الغرب، ما دعا النواب المنتخبين إلى الانتقال شرقاً. ويدعو الاتفاق الذي اقترحته الأممالمتحدة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل لمدة عام واحد، على أن يظل البرلمان المنتخَب الحالي كمجلسٍ تشريعي وينشأ مجلس آخر يكون دوره استشارياً. وحمَّل الأمين العام الأممي، بان كي مون، كل من «يختاروا أن يظلوا خارج إطار هذا العمل» مسؤولية العواقب والمعاناة المترتبىة على ذلك، داعياً إلى «قبول هذا النص». وشددت مصر، المجاورة لليبيا، على أن «المجتمع الدولي لن يقبل مزيداً من التأجيل»، ووصف وزير خارجيتها، سامح شكري، المراهنين على تأجيل الاتفاق لمدة أطول ب «المخطئين». وسمحت الفوضى في الأراضي الليبية لمهربي البشر بإرسال المهاجرين وطالبي اللجوء إلى أوروبا. وحاول عشرات الآلاف، معظمهم من إفريقيا والشرق الأوسط، عبور البحر المتوسط شمالاً هذا العام في رحلات خطرة بقوارب صغيرة ومكتظة، ولقي الآلاف حتفهم. في غضون ذلك؛ أظهر تقرير أممي حاجة نحو نصف سكان ليبيا إلى مساعدات إنسانية بعدما تأثروا بالنزاعات المسلحة. وأفاد مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن «أكثر من ثلاثة ملايين شخص تأثروا بالنزاعات المسلحة وانعدام الاستقرار السياسي الذي تشهده ليبيا»، مقدِّراً عدد من يحتاجون منهم إلى مساعدة إنسانية وحماية بنحو 2.44 مليون شخص. ولفت المكتب، في تقريرٍ له، إلى تأثير النزاعات سلباً على السكان الذين نزحوا أو لم ينزحوا من مدن بنغازيوطرابلس ومصراتة وسرت وسبها ودرنة. وعانى المدنيون في هذه المدن، وبينهم لاجئون وطالبو لجوء، من نقصٍ في الأدوية والعناية الطبية الأساسية.