سقطت التفاحة فأوجد منها نيوتن قانون الجاذبية، وجعلها ستيف جوبنز شعاراً لشركته، أما نحن العرب فلم نكتف بواحدة بل جعلناها تفاحتين في «رأس المعسل» ، وعلى ذكر التفاح نأتي إلى الطيران حينما حاول عباس بن فرناس الطيران فوافته المنية حينها تساءل العرب هل مات شهيدا أم منتحرا – وهو في الواقع لم يمت من محاولة الطيران تلك بل أصيب بكسر شفي منه فيما بعد»-أما الغرب فتساءلوا هل فعلا يمكننا الطيران!؟. لا أنوي استعراض الاختراعات التي حصلت بالصدفة، لكنني أضع الأمثلة على كيفية تحويل الصدف إلى ابتكارات واكتشافات واختراعات وصناعات، وتحويلها إلى أدوات دافعة الحضارة البشرية إلى الأمام. لكن مع الأسف فهذه عادة غربية، لم تصلنا عدواها بعد. أما نحن، فنعتبر سادة وقادة تحويل المسارات الصحيحة إلى مسارات خاطئة، وتحويل الانتصارات إلى هزائم، ولو كانت لدينا نهضة صناعية مشابهة لأوروبا، لكانت صناعاتنا أخطاء، لكنها ستكون أخطاء غير مستغلة طبعا. حتى العلوم التي وضعنا أسسها من الصفر، وهو أهم ابتكار عربي، وعلم الجبر والهندسة مرورا بالفلك والطب والتشريح وعلوم الضوء والكيمياء والفيزياء وغيرها، تحولت هذه العلوم عندنا، مع مرور الزمن إلى (أساطير الأولين) واستبدلناها باختراع أكبر صحن تبولة، وأكبر صحن كبسة، وأطول ساندوتش فلافل وهنا تطول القائمة. وبعد أن تقدمنا حضاريا وإنسانيا على الأمم الأخرى، وأسسنا إمبراطورية كبرى، عدنا إلى بداوتنا الأولى أقصد جاهليتنا الثانية، واشتهرنا بالاختراعات الصوتية الخارجة من الحلق أو من فوهة البندقية، لكأننا لم نكن رواد علم وحضارة في يوم من الأيام، ولم نصنع التاريخ والجغرافيا قبل قرون. لا ننسى علم العمران البشري الذي ابتكرناه على يد ابن خلدون، وتحول فيما بعد إلى (علم اجتماع) على يد «الفرنجة». هذا العلم العربي الحسب والنسب واللسان، الذي هو أول نظرة علمية للتاريخ البشري ودراسة واقعية لأحوال المجتمعات بشكل منطقي، للاستفادة من تحليل الماضي وبناء مستقبل أفضل. حتى هذا العلم سرقوه منا، وتحول لديهم إلى أب لجميع العلوم الأخرى، وأنجب فروعا كثيرة، وتحول إلى نهضة علمية وأدبية شاملة لديهم، ولم نخرج نحن بأي شيء، ومع هذا نتفاخر لنسلي أنفسنا بعيداً عن واقعنا الحقيقي، ونخلق أمامنا واقعا موازيا يمنحنا إحساسا وهميا بالتفوق على الآخرين جميعا. العالم يتقدم علميا، ونحن نتأخر علميا وعمليا.. ومع ذلك نتفاخر عليه و «فخر» هو أحد آلهة العرب القديمة قبل الإسلام. جاء الإسلام، فألغى نظام الآلهة بأكملها، لكن آلهة التفاخر استمرت جزءا من المكون العربي. رحل صنم الآلهة من جدران الكعبة إلى أرواحنا المجبولة بالتفاخر، صرنا نستخدم الماضي لتدمير الحاضر والمستقبل معا. وهكذا، خسرنا الماضي، وخسرنا الحاضر.. وسوف نخسر المستقبل، إذا بقينا على هذه الحالة.. ونكون الأمة التي ابتكرت الصفر، ثم عادت إلى تحت الصفر.