صعَّدت حكومة بغداد ضد جماعة كتائب حزب الله «فرع العراق»، حيث اقتحمت قوات الأمن مقرّاً للجماعة ليل أمس الأول بعد الاشتباه في احتجاز مسلحيها 18 عاملاً تركياً، فيما دعا رجل الدين البارز في البلاد، علي السيستاني، إلى محاكمة مسؤولين كبار يُشتبَه في ضلوعهم في فساد، مشدداً على ضرورة استعادة «الأموال المنهوبة». وأكدت مصادر أمنية مداهمة مقرٍّ لكتائب حزب الله «فرع العراق» في شارع فلسطين في بغداد على خلفية اختطاف العمال الأتراك من شمال شرق العاصمة الأربعاء الماضي. وأفاد المتحدث باسم رئاسة الوزراء، سعد الحديثي، بتعرُّض قوات الأمن التي نفذت المداهمة إلى إطلاق نار، مشيراً إلى معلومات تؤكد وجود متهم ضالع في اختطاف العمال في منزلٍ بشارع فلسطين الواقع في حي المهندسين. ولم يؤكد الحديثي ولم ينفِ إلقاء القبض على المشتبه فيه، ولم يعلِّق على صلته المحتملة بكتائب حزب الله المدعومة من إيران أو أي جماعة أخرى. بدوره؛ نفى المتحدث باسم ميليشيات الحشد الشعبي، كريم النوري، أي صلة لكتائب حزب الله المنضوية تحت لواء الحشد بالمُختطفين. وتحدث النوري عن «عملية تفتيش روتينية في شارع فلسطين تحوَّلت إلى مشاجرة أسفرت عن مقتل جندي وإصابة اثنين من الحزب». وذكر أن الاحتكاك بدأ بسبب اتهامات للكتائب باختطاف الأتراك، لافتاً إلى «ثبوت عدم صحة هذه المزاعم بعد قيام قوات الأمن بتفتيش المنزل الذي قصدته المداهمة». وأبلغ مصدر أمني عن «تفتيش الجيش المقر ومبانيَ محيطة في حي المهندسين، لكن لم يتم العثور على أي أثر للمختطَفين الأتراك حتى الآن». ولم تردّ قيادة عمليات بغداد المسؤولة عن أمن العاصمة على طلبات للتعليق. وكان مسلحون يرتدون الزي العسكري خطفوا 18 عاملاً تركياً الأربعاء من استاد رياضي كان العمال يشاركون في بنائه في شمال شرق بغداد. ورجحت أنقرة أن يكون الخاطفون استهدفوا الأتراك خصوصاً. وتكافح حكومة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، لكبح جماح الجماعات المسلحة التي تشارك في الحملة العسكرية على تنظيم «داعش» الإرهابي. في غضون ذلك؛ دعا رجل الدين البارز في البلاد، علي السيستاني، إلى محاكمة مسؤولين كبار يُشتبَه في ضلوعهم في فساد، مطالباً باستعادة «الأموال المنهوبة». وأيد السيستاني حملة الإصلاحات التي دشنها حيدر العبادي مؤخراً ودعاه إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد الفساد وسوء الإدارة اللذين جعلا حكم العراق أمراً شبه مستحيل. وألغت مبادرة العبادي التي طُرِحَت الشهر الماضي التعيين في المناصب الحكومية على أساس الحصص المخصصة للطوائف والأحزاب، ودعت إلى إعادة فتح التحقيقات في الفساد، مانحةً رئاسة الوزراء سلطة إقالة المحافظين ورؤساء البلديات. لكنَّ منتقدين اعتبروا هذه التحركات مخالفة للدستور، وتوقعوا ألا تُحسِّن الأوضاع المعيشية للمواطنين الذين تحدّوا ارتفاع درجة الحرارة وخرجوا في مظاهرات على مدى أكثر من شهر احتجاجاً على نقص الخدمات والفساد. وشدد السيستاني، في خطبةٍ ألقاها أمس مساعده أحمد الصافي، على وجوب ملاحقة ومحاسبة «الرؤوس الكبيرة والفاسدين الذين أثروا على حساب أموال الشعب خلال أكثر من عقد، وأن تُسترجَع منهم الأموال المنهوبة». ووجَّه خطابه إلى هيئة النزاهة المعنية بمحاربة الفساد وإلى القضاء قائلاً «هناك كثير من التساؤلات بشأن مقدرة هيئة النزاهة والسلطة القضائية على تحمُّل مسؤولية القيام بهذه المهمة دون مزيد من التأخير والتسويف». وتطورت الاحتجاجات الشعبية التي بدأت الشهر الماضي لتطالب بمحاكمة الساسة الفاسدين وإصلاح القضاء بما في ذلك إقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي يشرف على النظام القضائي، مدحت المحمود. كذلك؛ دعا السيستاني في خطبته إلى إصلاح الاقتصاد. وقال مساعده الصافي إن «ضعف التخطيط الاقتصادي وعدم وضع استراتيجية متكاملة لتوفير موارد مالية للبلد غير النفط يعدان وجهين من أوجه الفساد». ومن المتوقع أن يتجاوز العجز المالي للحكومة 10% هذا العام بسبب انكماش إيرادات النفط وتزايد الإنفاق العسكري لأسبابٍ منها المساعي لطرد «داعش» من المناطق التي سيطر عليها في شمال وغرب العراق.