ها هي العطلة الصيفية قد انقضت بحلوها ومرها، وفرحها وترحها، وسعتها وضيقها، وشغلها وفراغها، وعمل كلٌّ منا فيها ما عمل، وجنى ما جنى، وأطلت علينا أيام الدراسة، بعينين مرتقبتين، وكفّين مبسوطتين، تنتظر، أترانا مقبلين أم مدبرين؟ متحمسين أم متكدرين؟ وأياً كان حالنا، فها هي قد أتت، فإن كنت من هؤلاء الطموحين، الباحثين عن المعرفة والنجاح، والشغوفين بالتقدم والتفوق، التواقين لنيل العلم وتحصيل المنفعة، فها قد أُزلفت إليك الفرص، ورضخت بين يديك بفسحةٍ من الوقت، تنتظر منك المبادرة وشد الهمة والتشمير عن عضلات قلبك وعقلك، والإقبال عليها بحب الحبيبِ الأولِ الذي لا يمل ولا يكل من مجالسة حبيبهِ، فإن فعلت ذلك، وخططت أعمالك، ونظمت أوقاتك، فاطمئن بأنها ستحفظ لك الجميل – وبإذن الله – ستكافئك بالنجاح الباهر بعد برهة قصيرة من الجد والاجتهاد، فهنيئاً لك. وإن كنت من هؤلاء المحبطين، المدبرين عن الدراسة وتحصيل العلم، المتثاقلين لهمها وكدرها، فتشعر وكأنك تحمل عبئاً لا خلاص له، فأنصحك أن تراجع عقلك وتختلي بنفسك، وتتخيل أنك على أبواب الاختبارات النهائية، فإن كنت أعددت لها العُدة، وتجهزت لها بكل قوتك طوال الفصل الدراسي، فأنت في مأمن – إن شاء الله-. وإن كنت قد تركتها وراء ظهرك، وتجاهلتها لحين وقتها، وتمتعت طيلة الفصل بالضحك واللعب المفرطين، فحينها لا تلومنّ إلا نفسك، فإن أحببت أن تتوج بالنجاح وتستشعر مدى سعادة تلك اللحظة التي سترى فيها نتيجة جهدك مشرقة بعلاماتٍ عالية، فكن الشخص الأول. وإن كنت ستتحمل الكدر الذي قد يصيبك من سوء علاماتك، ومن وجوم أهلك، ومن ضيق صدرك حين ترى ابتسامةً تعلو ثغر صديقك الناجح، فكن الشخص الثاني، وإليك القرار.