تخلى رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو بصورة رسمية عن محاولة تشكيل حكومة جديدة أمس بعد أسابيع من فشل مفاوضات لتشكيل ائتلاف لتزيد احتمال تشكيل إدارة انتقالية لقيادة البلاد نحو انتخابات جديدة. وسعى داود أوغلو للبحث عن شريك صغير في الائتلاف منذ خسر حزب العدالة والتنمية أغلبيته البرلمانية في انتخابات يونيو الماضي ليعجز عن الحكم منفردا للمرة الأولى منذ صعوده إلى السلطة في 2002. وقال بشير أتالاي المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية إن داود أوغلو سيعيد التفويض الآن للرئيس رجب طيب إردوغان خلال اجتماع في وقت لاحق من يوم أمس وأن الحزب سيعقد مؤتمرا في 12 من سبتمبر. وقد يكون المؤتمر- الذي سيسبق انتخابات مبكرة متوقعة- حاسما بالنسبة لاستراتيجية الحزب بخصوص تلك الانتخابات. ولم تعرف تركيا البلد العضو في حلف شمال الأطلسي هذا المستوى من الغموض السياسي منذ حكومات الائتلافات الهشة في تسعينيات القرن الماضي بينما تخوض قتالا ضد تنظيم «داعش» في سوريا وتقاتل متشددين أكراد في جنوبها. والتقى داود أوغلو مع دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية اليميني المعارض الإثنين في محاولة أخيرة للاتفاق على تشكيل حكومة إلا أن بهجلي رفض كل الخيارات التي طرحها داود أوغلو. وقال مسؤول بارز بحزب العدالة والتنمية طالبا عدم نشر اسمه لحساسية الوضع «بعد محادثات الإثنين لم يتبق أي خيار أمام الحزب لتشكيل ائتلاف ومن ثم سيعيد داود أوغلو التفويض إلى الرئيس هذا المساء». ويمكن لإردوغان الآن نظريا منح التفويض لتشكيل حكومة مقبلة لحزب الشعب الجمهوري ثاني أكبر حزب في تركيا غير أنه من غير المرجح بشكل كبير أن يتمكن من تشكيل ائتلاف حاكم قبل مهلة تنتهي في 23أغسطس. وقد يصوت البرلمان أيضا للسماح للحكومة الحالية بمواصلة العمل إلى أن تجرى انتخابات جديدة لكن حزب الحركة القومية وأحزابا أخرى قالوا إنهم سيصوتون ضد هذه الخطوة. مثل هذا الترتيب المؤقت سيؤدي من الناحية النظرية إلى منح مناصب وزارية لأربعة أحزاب منقسمة فكريا مما يصيب اتخاذ القرار بالشلل ويزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد حيث سجلت الليرة انخفاضات قياسية. لكن من المرجح أن يكون تشكيل حكومة مؤقتة وفقا لهذه الترتيبات صعبا. وقال مسؤول كبير في حزب الشعب الجمهوري وهو حزب المعارضة الرئيس أمس إنه سيرسل ممثلين لكن حزب الحركة القومية قال بوضوح إنه لن يقدم على ذلك. ويراهن مسؤولون كبار بالعدالة والتنمية على أن القوميين الذين يعارضون بشدة منح أي نفوذ سياسي أكبر للأكراد سيفعلون أي شيء لتجنب سيناريو يحصل فيه حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد على حقائب وزارية وإنهم قد يؤيدون حكومة أقلية بقيادة العدالة والتنمية تستمر لفترة قصيرة مقابل إجراء انتخابات جديدة. لكن بهجلي زعيم حزب الحركة القومية استبعد ذلك ليبقى الخيار الوحيد تشكيل حكومة مؤقتة تتقاسم فيها الأطراف السلطة. ويبدو واضحا أن بهجلي يحسب أن احتمال مشاركة سياسيين أكراد في مناصب وزارية سيغضب اليمين السياسي في تركيا ليسارع بالتالي لدعم حزبه في الانتخابات التالية. ويمكن للبرلمان أيضا التصويت للسماح للحكومة الحالية بمواصلة العمل لحين إجراء الانتخابات الجديدة لكن حزب الحركة القومية قال بالفعل إنه سيصوت ضد هذا الاقتراح وتعهدت أحزاب معارضة أخرى بأن تحذو حذوه.