تحدثت في مقالي الأسبوع الماضي عن الذاكرة «مفهومها، وظيفتها، أنواعها، سماتها» وأنها عقل، وإدراك الإنسان، وهويته. عاداتنا هي ذاكرتنا يعتمد العقل على إنابة جزء منه «بيزل جانجليا» ليكرر السلوك عنه فيحصل على مكافأة؛ ومع الاعتياد نقع في أسر السلوك، وهذا يجعل العقل يمارسه بحرفية عالية في عز انشغاله بشيء آخر؛ فإن تدمرت وظائف عقل مريض الزهايمر المسؤولة عن التذكر والتعلم والكلام، فكيف لم تتلف ذاكرة الاعتياد تلك؟! فكم شاهدنا من مرضى يصدحون بالآذان وآخرين يذكرون أحب الناس أو الأماكن إلى قلوبهم. ألم ينس الفنان المغرم عمر الشريف وفاة زوجته فاتن حمامة ليعود بعد شهور للسؤال عن أخبارها؟! إن الذكريات القديمة الأكثر إيلاماً وبهجة توشم في الذاكرة، لم تتمكن ضراوة المرض من زعزعتها، ومن أشد المحفزات لتنشيط الذكريات السعيدة والحزينة الروائح لامتلاكها مركزاً مستقلاً. إن تجارب الآخرين تشكّل جزءاً من خبراتنا، وعادة الأدب يشاركنا تصوير الواقع فقد شكَّل مرض الزهايمر مصدراً أدبياً للكتَّاب والمخرجين، من أشهر الأفلام The Note» Book» القلب مكون أساسي لماهية الإنسان؛ فهل يمتلك القدرة على التلقي والحفظ والتذكر كالعقل؟! حتى آونة قريبة طبياً لم نسمع عن القلب سوى أنه عضلة مجوفة تضخ الدم غير المؤكسد للرئتين والمؤكسد وأشياءً أخرى لباقي أعضاء الجسم وفق جهاز دوراني؛ قبل فترة سمعنا أن العلماء في طور أبحاث اكتشاف خلايا في القلب خاصة بالتذكر. موقف العلم من ذلك بين مكذّب بناءً على فسيولوجية القلب وتشريحه العلمي، ومصدّق بناءً على بعض الحكايا الواقعية بلا أدلة طبية وما التفسير الوحيد لقصة سائق الشاحنة الذي أصبح يكتب الشعر فجأة إلا أنه خضع لعملية زرع قلب شاعر، وهو لا يدري ما هويته إلا مصداقاً لتلك النظرية وغيرها كثير من قصص دللوا بها العلماء وحتى يثبت العلماء النظرية يحق لنا أن نثق بوعي وإدراك قلوبنا مصداقاً لقوله تعالى «أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور» الحج 46 وقول رسولنا الحبيب : «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد وإذا فسدت فسد الجسد».