عند وصوله إلى فرايتال في شرق ألمانيا؛ كان السوري طاهر هارباً من العنف في بلاده. لكنه سرعان ما اصطدم بعنفٍ من نوع آخر في بلدةٍ أضحت رمزاً للعداء الموجَّه صوب الأجانب. وألمانيا هي القبلة الأوروبية الأولى لطالبي اللجوء؛ حيث يُتوقَّع وصول عددهم إلى 500 ألف خلال العام الجاري في أرقام غير مسبوقة. وفي موازاة تزايد أعداد طالبي اللجوء؛ تكثُر الهجمات على مراكز إيواء اللاجئين الألمانية في عملياتٍ تُنسَب بصورة عامة إلى اليمين المتطرف. ووصل إلى 202 عدد هذه الهجمات بين يناير ويونيو الماضيين، ما يوازي عددها الإجمالي خلال العام الماضي بأكمله. ومنذ بضعة أسابيع؛ تتصدر أخبار بلدة فرايتال الصغيرة البالغ عدد سكانها 40 ألف نسمة عناوين الصحف الألمانية مع تنظيم عدة مظاهرات صاخبة فيها احتجاجاً على استقبال 280 طالب لجوء في أحد فنادقها القديمة. وندَّد المتظاهرون ب "الأجانب المجرمين"، وعرضت الصحف صور محتجين يؤدون السلام النازي. ولاحظت شتيفي براختل (40 عاماً) انقساماً عميقاً في البلدة القريبة من مدينة دريسدن بين مؤيدي اللاجئين ومعارضيهم. وحذرت براختل، وهي عضو في جمعية تنظم مظاهرات مضادة في مواجهة التحركات المعادية للاجئين، من أن "الوضع يزداد توتراً". ومنذ الجمعة الماضية؛ يؤوي الصليب الأحمر في دريسدن (عاصمة ولاية ساكسونيا الغنية) بضع مئات من طالبي اللجوء داخل مخيم. واندلعت مشاجرات أمام المخيم بين ناشطين من أقصى اليمين ومدافعين عن حق اللجوء، فيما تعرَّض أعضاء في الصليب الأحمر للقذف بالحجارة. ودعت مجموعة "فريجيدا"، التابعة لحركة "بيجيدا" الألمانية المناهضة للإسلام، إلى "بقاء بلدة فرايتال نظيفة". وتصاعد التوتر في البلدة الإثنين الماضي مع إحراق سيارة زعيم محلي لحزب "دي لينكي" اليساري المتطرف. ولم يتوصل التحقيق في الوقت الحاضر إلى أي خيوط، لكن عديدين يرجحون وقوف اليمين المتطرف خلف الحادث. ويرغب طاهر (27 عاماً) في العودة إلى سوريا، ويقول "لم أعد أرغب في البقاء في فرايتال" التي وصلها قبل أكثر من شهر. ويشير الشاب السوري إلى تعرضه لهجوم في البلدة، ويعبر عن خوفه البالغ بقوله "جئت من بلادي لأنني كنت خائفاً، لكنني خائفٌ أكثر هنا.. إنني عائد". ويروي سمير (29 عاماً) وسهيلة (24 عاماً) القادمان إلى البلدة ذاتها من ليبيا وسوريا بأنهما لم يكونا يخرجان من سكنهما خلال المظاهرات ضد اللجوء.