التصريحات التي صدرت عن المرشد الأعلى في إيران أمس تُظهِر تمسكه حتى الآن بنهج إثارة الأزمات في منطقة الشرق الأوسط. وعلى الرغم من إظهار الرئيس الإيراني موقفاً متناقضاً؛ فإن ذلك لا يكفي مطلقاً لتغيير وجهة نظر الشعوب العربية تجاه طهران خصوصاً مع الإدراك لطبيعة صلاحيات كل من الرئيس والمرشد وما يحوز عليه الأخير من سلطة تفوق سلطة الأول، خصوصاً في المواضيع ذات الطابع السيادي ومنها بطبيعة الحال الاتفاق النووي مع الغرب والسياسات الخارجية. حسن روحاني ووزير خارجيته جواد ظريف يقولان إنهما يتطلعان إلى علاقات أفضل مع دول الجوار، كإحدى النتائج الإيجابية للاتفاق النووي. وظريف يستعد لزيارة عددٍ من الدول العربية في إطار حملة دبلوماسية تستهدف «التمهيد لمزيد من التعاون في منطقة الشرق الأوسط والعالم» بحسب تعبيره. في المقابل؛ يتعهد علي خامنئي بعدم الكف عن دعم من سمّاهم «أصدقاؤنا في المنطقة» خاصَّاً بالذكر دول اليمن وسوريا والعراق ولبنان والبحرين إضافةً إلى فلسطينالمحتلة. وبلغة أخرى؛ يمكن القول إن أصدقاءه هم الحوثيون وحزب الله والميليشيات الطائفية ونظام بشار الأسد والمجموعات المتطرفة. ودور هؤلاء «الأصدقاء» معروف ولا يحتاج إلى مزيدٍ من التفصيل، وهم بالمناسبة الطرف الآخر من معادلة الإرهاب، فهم في طرف وتنظيم «داعش» المتطرف في الطرف الآخر. إجمالاً؛ لا تهتم الشعوب العربية كثيراً بطبيعة اتخاذ القرار في طهران ولا بالفوارق بين ما هو «إصلاحي» وما هو «متشدد»، فكل ما يعنيها أن يتوقف النظام الإيراني عن تدخلاته في دول المنطقة، لأن ما وقع في سوريا والعراق واليمن كان أبرز دليل على خطورة هذه التدخلات. لكن استمرار هذا التناقض في التصريحات بين أجنحة الحكم في إيران يدفع إلى التساؤل عن مدى جدية مسؤوليها حين يتحدثون عن تحسين العلاقة بدول الجوار.