ألمح وزير المالية اليوناني، يانيس فاروفاكيس، إلى احتمالية استقالة الحكومة في حال فوز ال«نعم» في الاستفتاء المقرر بعد غدٍ الأحد حول مقترحات الدائنين، غير أنها ستتفاهم بحسبه مع الحكومة التي ستخلفها. ويشارك اليونانيون في الاستفتاء لإبداء رأيهم حول قبول أو رفض المقترحات التي قدمتها الجهات الدائنة، الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي وتنص على إصلاحات إضافية وإجراءات تقشف مشددة. وقال فاروفاكيس أمس «قد نستقيل لكننا سنقوم بذلك في ذهنية التعاون مع الذين سيحلون محلنا». وشدد على حتمية احترام «حكم الشعب»، مؤكداً أن المفاوضات ستُستأنَف بعد الاستفتاء. ولاحقاً؛ تعهد فاروفاكيس، في مقابلة مع تليفزيون «بلومبرغ»، بعدم البقاء في منصبه في حال فاز مؤيدو مقترحات الجهات الدائنة في الاستفتاء. ويحذر القادة الأوروبيون من ضبابية المشهد الذي ستكون عليه اليونان بعد التصويت. وقال رئيس مجموعة اليورو، يروين ديسلبلوم، إن وضع الأزمة في هذا البلد يتدهور بسبب سلوك الحكومة. وتوقع أن تكون الأوضاع أكثر صعوبة حال التصويت ب «لا» في الاستفتاء. وفي موقفٍ مماثل؛ حذر الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، خلال جولته الإفريقية من المجهول الذي ينتظر منطقة اليورو إذا تم التصويت ب «لا». وكان رئيس الوزراء اليوناني، ألكسيس تسيبراس، ردَّ في وقت سابق على سؤال عن احتمال استقالته في حال صوَّت اليونانيون ب «نعم» في الاستفتاء قائلاً «لست رئيس وزراء يبقى في منصبه مهما حصل». لكنه دعاهم إلى التصويت برفض الاقتراحات، ما أدى إلى إعلان الأوروبيين عن رهن أي استئناف للمحادثات بنتيجة التصويت. ورأى تسيبراس أن التصويت ب «لا» سيشكِّل «خطوة حاسمة لاتفاق أفضل» مقارنةً بالمقترحات الأخيرة التي عرضها الدائنون. وأعلن، في رسالة متلفزة إلى الأمة أمس، عن نيته مواصلة المفاوضات مع الدائنين بعد الاستفتاء. وقال «إن ال (لا) لن تعني القطيعة مع أوروبا بل العودة إلى أوروبا القيم، و(لا) تعني ضغطاً شديداً لمواصلة المفاوضات»، حاثاً مواطنيه على التمسك بالوحدة الوطنية لتجاوز «الصعوبات المؤقتة» التي تشهدها البلاد، واعداً بأنها ستكون متحدة غداة الذهاب إلى التصويت. وتقدمت أثينا الثلاثاء الماضي باقتراح أخير طلبت فيه مساعدة مالية ثالثة على عامين تسمح بتغطية حاجاتها مع إعادة جدولة ديونها. وبذلك؛ تضاف هذه المساعدة الثالثة (30 مليار يورو) إلى برنامجين سابقين بقيمة 240 مليار يورو. لكن وزراء مالية منطقة اليورو قرروا أمس الأول الانتظار إلى ما بعد الاستفتاء قبل استئناف أي محادثات على اعتبار أنه ليس هناك «أرضية» لمباحثات جديدة. ورفضت ألمانيا أي اتفاق؛ ودعت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، أوروبا إلى انتظار نتائج الاستفتاء بهدوء. وبعد انتهاء مهلة 30 يونيو؛ أصبحت اليونان أول دولة متقدمة يتعذر عليها سداد دين لصندوق النقد الدولي. وبدت الفوضى واضحة في هذا البلد؛ إذ إن حوالى ألف مصرف فتحت أبوابها أمس الأول أمام المتقاعدين ليحصلوا على معاشاتهم بعد أيام عدة على فرض رقابة على حركة الرساميل. وقال أحد المتقاعدين «عمِلتُ 50 عاماً في البحر والآن أتسول من أجل 120 يورو، ليس لدي أموال من أجل معالجة زوجتي التي تحتاج إلى عملية جراحية». ويعتقد مسؤولون أوروبيون أن التصويت رفضاً لاقتراحات الدائنين يهدد بخروج أثينا من منطقة اليورو وبدء أزمة غير مسبوقة في الاتحاد الأوروبي. وكشف استطلاع للرأي نُشِرَت نتائجه الأربعاء في الصحافة عن نية 46% من اليونانيين التصويت ب «لا» في الاستفتاء مقابل 37% سيصوتون ب «نعم»، فيما لم يقرر 17% حتى الآن إلى أي الاتجاهين سيميل. غير أن حظوظ التصويت ب «لا» تراجعت منذ إغلاق المصارف وفرض الرقابة على الرساميل، حيث كانت ترتفع قبل ذلك بيومين إلى 57%. وانتقد المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان الاستفتاء على اعتبار أنه جرى تنظيمه بسرعة و«السؤال المطروح فيه ليس واضحاً». وللمرة الأولى من 5 سنوات؛ وجدت أثينا نفسها دون دعم مالي خارجي بعدما تخلفت عن سداد دين قيمته 1.5 مليار يورو لصندوق النقد الدولي بالتزامن مع انتهاء مهلة برنامج المساعدة الأوروبي. ودعا ذلك وكالة التصنيف موديز إلى تصنيف اليونان على درجة «سي أ أ 3» في فئة «الدول المهددة بالتخلف عن السداد». وطلبت الحكومة منحها مزيداً من الوقت لتسديد دينها إلا أن صندوق النقد الدولي اعتبر أن السماح بتأخير موعد السداد لا يساعد الدول المعنية على تخطي أزماتها. من جهتها، أقرّت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، في حديث لشبكة «سي إن إن» بأن المفاوضات مع اليونانيين كانت في حاجة إلى «مزيد من النضج». ووفقاً للوزير فاروفاكيس؛ فإن بلاده ستبقى في منطقة اليورو.