كشف مصدر مطلع في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن المشروع الذي درس في مجلس الشورى للحماية من الإيذاء، ونظام حماية الطفل قد صدر من مجلس الشورى إلى مجلس الوزراء، مؤكداً أن الجمعية تدعم صدور هذين النظامين، كما تأمل في حال صدورهما أن تعالج الكثير من مشكلات العنف الأسري. وقالت الأميرة عادلة بنت عبدالله، نائب رئيس برنامج الأمان الأسري الوطني، “لقد تم رفع مشروع نظام الحماية من الإيذاء من مجلس الشورى إلى مجلس الوزراء”. دورات تدريبية وقالت الأميرة عادلة عن دور القضاء كجهة تنفيذية بالغة الأهمية في تفعيل القرار حال صدوره “بدأنا فعلياً في هذا منذ خمس سنوات، وذلك عبر إطلاقنا من خلال برنامج الأمان الأسري الوطني دورات تدريبية متعددة الخلفيات، التي تعقد بشكل سنوي، يشارك فيها أطباء وممرضون وقضاة وأمنيون، وأقيمت هذه الدورات حتى الآن في أربع مناطق في المملكة، بالإضافة إلى إطلاقنا لحملة توعية بدور القضاء في مكافحة العنف الأسري، وقد زرنا تسع مناطق العام الماضي، وكانت هناك مشاركة فاعلة من قضاة المناطق والأمنيين”. تحديات كبيرة وأضافت رئيسة برنامج الأمان الأسري الوطني قائلة “نواجه تحديات كبيرة، ولكن تظل توعية العاملين في المجال هي الأهم الآن، فالممرض يحتاج لوعي بكيفية التصرف، وأهميته عندما تأتيه حالة تعرضت لعنف أسري”. مؤكدة على وجود 39 مركزاً لحماية الطفل في القطاع الصحي، يضم كل مركز منها متخصصاً صحياً واجتماعياً ونفسياً، وذلك لمعاينة حالات الاشتباه التي تُرسل إلكترونياً إلى السجل الوطني، كاشفة أن هناك مركزاً مشابهاً للمرأة سيكون قريباً، وهذه إحدى الخطوات المهمة لدعم قرار حماية المرأة من الإيذاء، مؤكدة على أهمية دور التوعية لكي لا نصل إلى مرحلة الإيذاء التي توصل إلى المستشفيات، سواء على الطفل أو المرأة، ومشيدة بدور الصحافة والإعلام في تبني وعرض مثل هذه القضايا، لأن من شأن ذلك -بحسب قولها- أن يلفت نظر المجتمع والمسؤولين إلى أهمية مراعاة الأمر وأخذه بجدية، لأن بعض الأمور مع الأسف لا تؤخذ بجدية لعدم تطورها، ولكنها تؤدي في المستقبل إلى حالات تصل إلى المستشفيات، وهذا ما لا نريده. حماية المرأة الدكتور خليل الخليل وقال عضو مجلس الشورى السابق، والخبير في العلاقات الدولية، الدكتور خليل الخليل، “في ظل تطور القضاء في العهد الزاهر، فإن هناك تشريعات وتنظيمات تتطلب إيجاد نظام لحماية المرأة والطفل من الإيذاء، بالإضافة إلى تسهيل مسألة التقاضي في المملكة، التي تشهد تطوراً في عدة جوانب”، وعدّ الخليل أمر “حماية المرأة حماية للمجتمع بأكمله”، مشدداً على أننا “في مجتمعنا لا نقبل أن تتعرض المرأة لأي أذى مهما كان مصدره”. وأضاف “نحن بحاجة لقانون يحمي المرأة، خصوصاً بعد عودة المبتعثات السعوديات، وتخرج كثير من بنات الوطن اللاتي يدرسن في جامعات وكليات داخل المملكة، وبذلك سوف تشهد المملكة مشاركة فعالة للمرأة في التنمية المستدامة؛ ما يتطلب الحماية والدعم التشريعي”. نظرة دونية سهيلة وتمنت الناشطة الحقوقية سهيلة زين العابدين أن يصدر القانون ويحمي بالفعل المرأة والطفل، موضحة أنه “توجد الآن مطالب بتقنين الأحوال الشخصية بالمفهوم السائد والتطبيقات السائدة التي ترى ألّا قيمة لتقنينها، لأنها تتفق مع نظرة الرجل الدونية للمرأة”، وأكدت أن “وضع قوانين حماية سواء للمرأة أو الطفل دون تغيير المفاهيم السائدة لن يجدي مع الأسف؛ فالمفاهيم تقر أموراً تتنافى مع مقاصد الشرعية الإسلامية”، واشترطت لإنجاح قوانين الحماية أو تقنين الأحوال الشخصية أن نصحح الخطاب الديني ونصحح المفاهيم للآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بالمرأة وعلاقاتها الأسرية، مع ضرورة استبعاد الأحاديث الضعيفة من الأحكام الفقهية، لأنها ما يحتج بها في بعض الأحيان في الأحكام، عند ذلك سيمكننا أن نحمي المرأة من العنف ومن كل شيء، لكن أما والوضع لايزال تحت وطأة المفاهيم السائدة فلا قيمة لهذه التقنينات وهذه القوانين. لا حماية بلا قانون وترى المحامية سامية زمزمي أن مواد مشروع نظام الحماية من الإيذاء يتألف من 16 مادة مستقاة من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف الذي تحكم به المملكة. كما يأتي انسجاماً مع التزام المملكة بالاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها كاتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية مناهضة التعذيب، وغيرها من الاتفاقيات التي تؤكد على مبدأ الحماية. لذا لابد من إصدار قانون يحمي المرأة والطفل في المملكة، مشددة على مبدأ “لا حماية بلا قانون رادع”، مشترطة لنجاح هذا المشروع في حين صدوره ضرورة أن تتم التوعية به، وتعميمه في جميع الدوائر الحكومية والخاصة، مع الاستفادة من وسائل الإعلام المتاحة والتقنية؛ وذلك ليتم الهدف المنشود منه، كما يجب التأكيد على القضاة وإلزامهم على تطبيقه. مطلب ديني وعدّت الاختصاصية النفسية لينا اليحيى نظام الحماية مطلباً دينياً، واجتماعياً لحفظ أمن المجتمع وعدم تفشي الجريمة، بالإضافة إلى أن من شأن ذلك أن يسهم في وجود نشء مسلوب الحقوق والهوية الهشة، ويؤثر ذلك سلباً عليه وعلى مجتمعه، عدا أنه مطلب إنساني؛ حيث يحفظ كرامة الإنسان ويرد له اعتباره. مؤكدة أن غياب النظام مازال يعزز من موقف المعتدي، ويفتح المجال له لتكرار الاعتداء. فحد العقوبة له أثر إيجابي على المعتدي، سواء لضبط السلوك أو لمعالجته، وكذلك التطهير من الذنب. لافتة الانتباه إلى أن التقريرات التي تبثها هيئة حقوق الإنسان ليست سوى جزء من الكل الذي لم يعلن، والذي يتحفظ عنها لأسباب قد تعود إلى المعتدى عليه، وغالباً تكون أسبابها التهديد والخوف وعدم وجود الصلاحية والإمكانية وقلة الوعي؛ تحسباً لأمور أخرى، أو من خلال الجهات المختصة، وذلك حفاظاً على خصوصيات بعض الأسر ومكانتها الاجتماعية. ولذلك قد يكون قانون وجوب سنّ العقوبات رادعاً لمن يستبد بالاعتداء، أو لمن تسول له نفسه المضي في الخطيئة أو الجريمة أو سلب حقوق الآخرين. وبذلك أرى أنه من الأهمية تطبيق العقوبة، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة بشأن الحالات المعتدى عليها. الثقافة الجنسية واستهجنت الاختصاصية الاجتماعية عزة الموسى من يطالبن من النساء في المملكة بقانون أو نظام للحماية من الإيذاء، وقالت “النساء في الغرب والشرق لديهنّ مثل هذه القوانين والأنظمة التي نسعى إليها الآن، لكنها لم تحمِ أحداً منهنّ؛ فالنساء هناك يتعرضن للإيذاء وللتحرش اللفظي والجنسي”، واقترحت عوضاً عن ذلك المناداة ب”تدريس الثقافة الجنسية للطفل؛ وذلك لحمايته من التحرش والتعدي”، على أن يكون هذا التعليم “في المرحلة الابتدائية، بحيث يكون شاملاً للبنات والبنين، مع مراعاة دمج هذا العلم بمواد الدين، وليس تكريسه في مادة العلوم، لأن ذلك من شأنه خدمة الطفل”، مؤكدة على ضرورة “تدريسه على شكل معلومات تثقيفية تربوية، وليس كعلم يلقن به الطفل للنجاح أو الرسوب”، فمن المهم -بحسب قولها- أن يفهم الطفل معنى وكيفية إيذائه؛ وذلك للحفاظ على صحته وتربيته وسلامته النفسية، وحمايته بالتالي من التحرش، ومن التعدي عليه جنسياً أو لفظياً. 350 شكوى اعتداء على المرأة والطفل خلال عام كشف التقرير السنوي لفرع هيئة حقوق الإنسان في الرياض عن أن إجمالي عدد الشكاوى التي تم استقبالها خلال العام الماضي بلغت 350 شكوى تقدم بها 71 امرأة وفتاة وطفلاً، حيث تم التعامل مع 85 شكوى، انتهت منها 73 شكوى، وأحال الفرع ست حالات للجهات الحكومية المختصة، في حين لاتزال ست حالات قيد الدراسة. وأشار التقرير الصادر من الفرع، أمس، لعام 1432ه بأنه تم بشكل فوري حل 265 شكوى عن طريق التوجيه والاستشارة، أو الصلح دون الحاجة لمخاطبة جهات أخرى، وبيّن التقرير أن عدد الشكاوى الخاصة بحق الحماية من التعسف والتعذيب، والحماية من العنف الأسرى التي خوطبت فيها جهات أخرى بلغ (26) حالة، في حين بلغ عدد الحالات الخاصة بحقوق الموقوفين عشر حالات، والحق في الجنسية ثماني حالات، والحق في الحركة والتنقل سبع حالات، وحق الكسب المشروع سبع حالات، وحق الزواج وتكوين أسرة خمس حالات. وأنجز الفرع أربع شكاوى خاصة بحق العمل وسلامة بيئته واتباع أنظمته، وأربع في مجال الحق في التربية والتعليم، وتسع خاصة بحق الرعاية الصحية والاجتماعية، بالإضافة إلى عدد من الشكاوى الخاصة بالاعتداء على الحقوق المالية للمرأة.