كل من عمل في القطاع الحكومي يعلم أن إعداد الخطابات مرحلة مهمة تعتمد عليها إجراءات العمل الحكومي، ويحظى الموظفون البارعون في تحرير وإعداد هذه الخطابات بمكانة لدى أجهزتهم الحكومية. هذه الخطابات هي حلقة الوصل بين الجهات الحكومية لإيضاح وجهة نظر ما، أو لطلب مساعدة ما، أو تسهيل خدمة أو تقديمها وخلافه. المشكلة أن أعداد هؤلاء المحررين البارعين في القطاع الحكومي ليست بالكثيرة؛ ما يجعل الموظفين التنفيذيين الكبار أصحاب المراتب ال14 وال15 يكتبون الخطابات بأنفسهم أحياناً لعدم وجود قادرين على التحرير في إداراتهم، وهذا يعيق عمل الموظفين الكبار الذين يفترض فيهم أن يتفرغوا للتخطيط الاستراتيجي لإداراتهم، بدلاً من تضييع الوقت في إعداد الخطابات. المشكلة الأخرى أن هذه الخطابات أحياناً يكون الغرض منها غير مفهوم، فتمتلئ ب”رقم وتاريخ” و”بالإشارة إلى خطابكم” و”رقم وتاريخ”، و”رقم وتاريخ” و”رقم وتاريخ”... وسرد للموضوع، ثم في النهاية يكتب الإجراء اللازم مثلاً، وهذه عبارة مائعة لا توضح ما هو المطلوب تنفيذه بالضبط. وهذه الأخطاء أحياناً تأتي لقلة إدراك وخبرة كاتبها، وأحياناً تأتي لمجرد التملص من المسؤولية، مع العلم بأن وضوح مضامين الخطابات الحكومية يسهل الإجراءات الحكومية، ويقلص مدة الوقت في تنفيذها، ويوفر الوقت على المسؤولين أيضاً. وزارة الخدمة المدنية المسؤولة عن توظيف موظفي القطاع الحكومي تعي جيداً أهمية مهارة إعداد الخطابات لموظفيها، وتعرف معاناة الموظفين الكبار بهذا الخصوص، وبإمكانها الإسهام في حل هذه المعضلة بعمل دورة إلزامية لموظفي الحكومة الحديثي التعيين لمدة ثلاثة شهور في مهارات تحرير الخطابات لدى معهد الإدارة العامة التابع لوزارة الخدمة المدنية، ومعهد الإدارة العامة يعدّ منارة من منارات الفكر الإداري الحكومي في العالم العربي، وهو قادر على تنفيذ مثل هذه الدورات بكل مهارة.