لا شك أن الأنظمة والتشريعات يكون أصلها الخيرية، بمعنى جلب خير أو منع شر، ونحن كمسلمين نستقي أحكامنا من الكتاب والسنة، وإن أكرم الأكرمين عندما يورد أي نص تشريعي في القرآن الكريم نجد أن في هذا التشريع خيراً كبيراً للبشرية. وعندما ننظر إلى نظام معاشات التقاعد وما طرأ عليه من تعديلات نجد أن هناك من يستفيد مما يطرأ عليه من تطور ومن يحرم من ميزة، وأن هذا من وجهة نظري يعد من قبيل النقاط المحسوبة على النظام وليس لصالحه. وعندما أنشئت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وكلنا يعرف كيف استفاد منها العاملون الأجانب أكثر مما استفاد المواطن حتى تم الانتباه للخلل، فألغي نظام الراتب التقاعدي للأجانب، ولن أدخل في هذه التفاصيل وما شابها. وبالعودة إلى أسس ومبدأ تأمين حياة كريمة للمواطن سواء من خلال التقاعد أو من خلال التأمينات الاجتماعية نجد أن النظام أغفل مجموعة من المواطنين الذين لم يتمكنوا من الاستفادة من تعديلات ضم الخدمتين. فالمواطن الذي لم يكمل العشر سنوات وبالتالي لن يستفيد من راتب تقاعدي عند بلوغ الستين لن يكون هناك جدوى من إبقاء ما يخصه من ادخار فيضطر إلى تصفية مستحقاته، خصوصا أن النظام أعطاه الحق في إضافة مدة خدمتة إذا أعاد ما تسلمه خلال سنة من عودته للعمل الحكومي، ولم يكن عندها أي نظام يسمح بنقل سنوات الخدمة من مصلحة معاشات التقاعد إلى نظام التأمينات الاجتماعية. ونظراً إلى ما طرأ من شح في الوظائف الحكومية ووظائف القطاع الخاص الذي نعلمه جميعا لم يكن بمقدور هذه الفئة العودة للعمل. كذلك من عمل في القطاع الخاص وانضم للتأمينات الاجتماعية لم يتمكن من تجميع مدة الخدمة اللازمة لصرف راتب تقاعدي له عند بلوغ الستين، فأصبح لا يستفيد من أي راتب تقاعدي، وليس من العدل أن يرحل ليكون من مستحقي الضمان الاجتماعي. كما أن النظام لم يناقش إمكانية عودة المصفى مستحقاته لدى مصلحة معاشات التقاعد حتى وإن لم يعد للعمل الحكومي ليضمها إلى ما لديه من مدة خدمة في التأمينات الاجتماعية؛ لكي يتمكن من تسلم راتب تقاعدي، لتأمين حياة كريمة له ولأسرته، ذلك أن تأمين حياة كريمة للمواطن هو من صميم مسؤوليات الدولة، ولا يمكن أن تكون محل مضاربة مثلها مثل المضاربات في الأسهم. وذلك كله من منطلق أن الأنظمة في الأصل توضع لتحقيق نفع عام وجلب خير، وأن النفع العام يعرف في نهاية المطاف بأنه تحقق رفاهية المواطن، ومن حق كل مواطن أن يستظل تحت الشجرة طالما لم يعتدِ على حقوق الآخرين وليس هناك معصية للخالق عزّ وجل. وطالما أن الموظف الحكومي لن يتمكن من العودة للعمل لمدة سنة في المرتبة التي صفى مستحقاتها عندها لإعادة ما تسلمه من مصلحة معاشات التقاعد عند التصفية، فإنني أقترح أن يمنح كل من بلغ سن الستين وله خدمات تم تصفيتها ولم يتمكن من العودة للعمل الحكومي، الحق في استعادة مدة خدمته وإضافتها إلى ما له من مدة في مؤسسة التأمينات الاجتماعية متى ما قام بإعادة ما تسلمه عند التصفية؛ لكي يتمكن من تسلم راتب تقاعدي يكفل له حياة كريمة، وأن يكون ذلك ضمن مواد النظام. وأعتقد أن توفير حياة كريمة للمواطنين هو الهدف الأسمى لجميع مؤسسات الدولة والهدف النهائي من إنشائها والغاية من تطوير أي نظام، وليس لدي شك من أن الدولة حريصة على رفاهية المواطن.