ما إن تهدأ حرب أو معركة حتى تقوم أخرى في العالم خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط مهد رسالة الأنبياء، التي لم نر لها هدوءً أو سكينة لفترة معينة أو محدودة، بل اشتعال مستمر وصراع مقيت. ومن المعلوم أن كل بقعة من الأرض تجد لها نصيباً من الدمار والحروب سواء أهليةً، أو بين حدودِ دولة وأخرى. ولكن في منطقة الشرق الأوسط كما وضحنا أعلاه مختلفة تماماً عن جميع ما في الأرض فهي منذ أكثر من قرن لم تهدأ سياسياً ولا عسكرياً وتحديداً منذ إعلان إسرائيل دولة على أرض فلسطين عام 1947م والعالم العربي بشعوبه لم يهدأ ولم تخف حدة وتيرته ويستشعر دوماً بالضعف والإهانة ومن هذه التشنجات تَولد الإرهاب في أدبيات بعض المنظمات الإسلامية منها والقومية وحتى العلمانية كحزب البعث –مثالاً- والإخوة الشيوعيين وغيرهما من التيارات الفكرية المعاصرة التي ما زالت تندد بحرقة على وجود الكيان الصهيوني في أرضهم الطاهرة. حيث إن المسألة لها أبعاد عرقية وقومية أكثر مما يشاع أنها «حرب على الإسلام» وتحديداً على أهل السنة. وهذه الأمور هي ظاهرياً وكسلاح استفزازي تستخدمه القوة الغربية لتوهم الشعوب الإسلامية أنها حرب على دينها لا أكثر ولا أقل، وبالتالي تنشغل الأمة على هذا النحو، وإنما حقيقة الأمر هي حرب وصراع على السطو والهيمنة في إدارة العالم والتربع على سيادته، خاصة استراتيجية منطقة الشرق الأوسط لما لها دور جغرافي مميز ناهيك عن ثرواته الطبيعية. في الأمس أي في القرون السابقة كان العرب مهيمنين على العالم من شرقه إلى غربه، بمعنى ما أن أشرقت شمس الإسلام حتى بدأ بتغيير منطقة الجزيرة العربية فمن المدينةالمنورة تحددت سياسة المنطقة حتى اتسعت الدائرة وأصبحت دمشق عاصمة الخلافة الأموية ومركزاً جديداً تُدار فيه شؤون الإمبراطورية الإسلامية بحدودها وخارج حدودها حتى انتهى الحال عند الخلافة العباسية في الهيمنة السياسية العالمية فقد بلغ قوة جيش المسلمين العرب منهم وغير العرب في عهد الخليفة هارون الرشيد كقوى لا يضاهيها أي جيشٍ في العالم فمن بغداد تحددت حدود دول أوربا، بل كانت علاقة سياسية متينة بين الفرنجة والعباسيين، حيث التقت المصالح ضد الخصوم السياسيين، وهم الرومان المجاورون للعباسيين، والأمويون في الأندلس التي من شمالها الشرقي الفرنجيون «الفرنسيون حالياً». على هذه القراءة السريعة يتضح مدى هيمنة العرب وتحريك المياه الراكدة في أوربا وتحكمها في كل الأمور من أجل مصالحها، ولا ننسى الخلافة العثمانية في تركيا التي حملت راية الإسلام في بناء قوة عظمى. فجميع هذه الدول الإسلامية تحكمت بالقارات الثلاث المعروفة سياسيا على مدى قرون. هنا ندرك أهمية الأيديولوجية أو العقيدة الفكرية المراد نشرها على العالم لغاية لها أهدافها، والعقيدة الإسلامية بجوهرها هي دعوة للحوار وفهم الإسلام بكل وضوح حتى يتضح مدى صلاحيته للناس جميعاً. فالعرب ومن جاورهم أدركوا أهمية العقيدة الإسلامية وأنها صنعت لهم مجداً وتاريخاً لا ينسى. خلاصة الأمر هل ندرك أنها حرب على الإسلام أم حرب على الشرقيين؟! جوابي هي على المنطقة، على هذه الجغرافيا لكي لا تنهض من جديد لو حتى غيرت دينها بدينٍ آخر ستستمر المشاكسات والإسهافات والمماطلات على الأمة العربية، لأننا كعرب فهمنا كيف تطبق الأيديولوجيات سواء في السلم أو في الحرب وخاصة في بناء الدولة الاجتماعية، حيث لو ركزنا على عقيدة ما سنعيد مجدنا من جديد لكن المسألة تحتاج لقراءة الواقع بدقة أكثر من ظاهرها. إذا هذا سبب خشية العالم من حولنا خاصة أوربا الغربية وأمريكا بالذات التي تود أن تستمر في تتويج نفسها سيدة على العالم في اقتصادياته وسياساته.