رفع مقاتلو «داعش» علمهم الأسود فوق المجمَّع الحكومي في مدينة الرمادي «غرب العراق» أمس الجمعة، واستخدموا مكبِّرات الصوت في المساجد للإعلان عن ما وصفوه ب «الانتصار» بعد أن اجتاحوا معظم أجزاء المدينة، فيما نشر حزب البعث تسجيلاً صوتياً لعزة الدوري بعد نحو شهر من الحديث عن مقتله في مواجهة مسلحة. وذكرت مصادر أمنية عراقية أن مقاتلي «داعش» هاجموا الرمادي «عاصمة محافظة الأنبار» ليل الخميس – الجمعة مستعينين ب 6 سيارات ملغومة ليتمكنوا من الوصول إلى وسطِها حيث يقع المجمَّع الحكومي. لكن القوات النظامية تسيطر حتى الآن على مركز قيادة تابع للجيش إلى الغرب من المدينة التي شهدت أجزاء منها استمراراً للقتال أمس. وسيوجِّه سقوط الرمادي «100 كيلومتر إلى الغرب من بغداد» ضربة قوية لحكومة حيدر العبادي بعد مرور نحو 6 أسابيع على استعادة الجيش ومقاتلين شيعة متحالفين معه مدينة تكريت من قبضة التنظيم المتطرف. وإذ وصف محافظ الأنبار، صهيب الراوي، الوضع ب «الخطير»؛ رفض التسليم بسقوط عاصمتها في يد «داعش»، مؤكداً استمرار المعارك. ويدور القتال للسيطرة على الرمادي منذ العام الماضي؛ لكن المقاتلين جدَّدوا هجومهم عليها في إبريل، ما تسبَّب في فرار أكثر من 130 ألفاً من سكانها. وأقرَّ رائد في الجيش العراقي يتمركز فَوجُهُ قرب قيادة عمليات الأنبار بسيطرة المتطرفين على طريق الإمداد الرئيس في المدينة «ما جعل من الصعب إرسال التعزيزات إليها». وأفاد بأن معظم وحدات الجيش والشرطة تراجعت إلى المنطقة المحيطة بقيادة العمليات لحمايتها، لكنه أشار إلى «استمرار قوات مكافحة الإرهاب الخاصة المُحاصَرة في منطقة الملعب (وسط المدينة) في القتال دفاعاً عن حياتها». ولم يحدِّد الرائد موعداً محتملاً لسقوط عاصمة الأنبار، واكتفى بالقول «إذا لم ترسل الحكومة أي تعزيزات، وإذا لم ينقذنا سلاح الجو التابع للائتلاف الدولي؛ فيمكنني أن أؤكد أنها ستسقط». وحذَّر في الوقت نفسه من «مذبحة»، واعتبر «أننا لا نستحق أن نُقتَل بهذه الطريقة بعد أشهر من الدفاع، إنه أمر مذلٌّ». وباستثناء عاصمتها وبلدات قليلة؛ يسيطر مسلحو «داعش» على باقي أنحاء الأنبار التي تتقاسم حدوداً مع سوريا والأردن والسعودية وتوصف بأنها محافظة صحراوية مترامية الأطراف. وعلى موقع «تويتر»؛ أعلن التنظيم المتطرف عن اقتحامه مجمع الرمادي الحكومي والسيطرة عليه «بعد تصفية من فيه»، فيما تفيد المعلومات بأن الهجوم بدأ فجر أمس واستخدم فيه المقاتلون المتطرفون جرَّافة مدرَّعة لإزالة الجدران الخرسانية التي تقطع الطريق المؤدية إلى مركز الشرطة المجاور للمجمع الحكومي. وانفجرت الجرَّافة لدى وصولها إلى الجدران الخرسانية. كما استهدفت سيارة ملغومة من طراز «همفي» مبنى إدارة التعليم في المجمع، بينما انفجرت سيارة ملغومة ثالثة عند المدخل الغربي المؤدي إلى المبنى نفسه. وانفجرت 3 سيارات ملغومة أخرى قرب قيادة عمليات المحافظة. في غضون ذلك؛ نشرت قناة تابعة لحزب البعث العراقي تسجيلاً صوتياً منسوباً لعزة إبراهيم الدوري، الرجل الثاني في نظام صدام حسين، بعد نحو شهر من أنباء عن وفاته إثرَ قتل رجل يشبِهُه. وكان مسؤولون سياسيون وقادة أحد الفصائل الشيعية المسلحة رجَّحوا مقتله في اشتباك بين أبناء عشائر سنية ومسلحين قرب مدينة تكريت «شمال بغداد» في 17 إبريل الماضي. وانتشرت آنذاك صور لجثة رجل أصهب الشعر وذي لحية يشبه في بعض ملامحه الدوري. إلا أن السلطات العراقية التي تسلَّمت الجثة لم تؤكد هويتها، وأعلنت عن عدم امتلاك عينات من الحمض النووي لنائب الرئيس الأسبق لمقارنتها مع الفحوص التي ستُجرَى على الجثة. ولم يتطرق التسجيل الذي نشرته قناة «التغيير» أمس على موقعها الإلكتروني إلى الأنباء المتداولة، إلا أن المتحدث الذي قُدِّمَ على أنه الدوري تطرَّق إلى أحداث جرت في بلاده بعد 17 إبريل. ومن أبرز هذه الأحداث؛ انتشار فصائل شيعية مسلحة مدعومة من إيران في قضاء النخيب التابع لمحافظة الأنبار مطلع الشهر الجاري، وهو ما أثار انتقاد بعض السياسيين السنة. واعتبر الدوري في التسجيل قضاء النخيب موقعاً استراتيجياً بالنسبة لإيران، وقال إن «من أهداف احتلال النخيب التي تتوخاها إيران هو فتح جبهة مع المملكة العربية السعودية (..) والتواصل مع جبهة سوريا ولبنان». ووصف ما «يجري في بلدنا اليوم» ب «احتلال فارسي مباشر وشامل مغلف بغلاف ديني طائفي بغيض».