أعلن تحالف إعادة الشرعية في اليمن أنه سيعود إلى «مرحلة الفعل» فيما يتعلق بالعمليات العسكرية في اليمن رداً على استهداف الحوثيين نجرانوجازان (جنوب المملكة) بالقذائف على مدى ثلاثة أيام، واتهم المتمردين في اليمن بتجاوز خط أحمر هو «أمن المملكة وسلامة مواطنيها والمقيمين فيها»، متعهداً بأن يدفعوا الثمن غالياً. وقال المتحدث باسم التحالف، العميد الركن أحمد عسيري، إن قصف الحوثيين لأراضٍ سعودية خلال الأيام القليلة الماضية استهدف قتل مواطنين سعوديين ومقيمين. وأكد خلال مؤتمر صحفي عقده مساء أمس في الرياض؛ عودة عمليات التحالف إلى مرحلة الفعل، والأخذ بزمام المبادرة بعد أن كانت قد انتقلت إلى مرحلة رد الفعل مع بدء عملية «إعادة الأمل». وكشف عن صدور قرارٍ من قيادة التحالف بتوجيه ضربات جوية على معاقل التمرُّد في مدينة صعدة وضواحيها وجبال مران في شمال اليمن «منذ هذه اللحظة لأن القذائف التي طالت الأراضي السعودية أُطلِقَت من هذه المواقع». وكان التليفزيون السعودي الرسمي قد أفاد أمس بأن قذائف سقطت على منطقة نجران لليوم الثالث على التوالي دون وقوع خسائر. ونقل التليفزيون عن الدفاع المدني أن القذائف أُطلِقَت من الأراضي اليمنية وسقطت على مناطق غير مأهولة بالسكان، ولم تسفر عن أضرار في الأرواح أو أضرار مادية. وخلال يومي الثلاثاء والأربعاء؛ تسببت القذائف الحوثية في استشهاد عشرة أشخاص في نجرانوجازان وإصابة 15 شخصاً على الأقل. لكن عسيري تعهد بأن يدفع منفذو هذه الأعمال الثمن باهظاً، ودعا المقيمين في صعدة إلى تجنُّب المواقع العسكرية، ونبَّه إلى «الحق المشروع للمملكة في الرد»، مشيراً إلى استخدام الميليشيات صواريخ كاتيوشا وراجمات في تنفيذ اعتداءاتها على نجرانوجازان خلال الأيام الثلاثة الماضية. وشرح أن «الاعتداءات استهدفت مساكن ومزارع ومدارس وأحد المستشفيات؛ موقعةً إصابات بين مواطنين ومقيمين ما يعني أنها لم تكن ذات هدف عسكري بل كان القتل من أجل القتل»، متهماً الميليشيات ب «رفض القرار الأممي رقم 2216 الملزِم بتوقفها عن القتال» وب «عدم الاستجابة إلى مبادرة المملكة بتأسيس مركز للأعمال الإنسانية في اليمن داخل الأراضي السعودية». ولاحظ المتحدث أن «المعادلة اختلفت؛ إذ كانت الحملة العسكرية تستهدف في بدايتها حماية الشرعية اليمنية والمواطن اليمني، لكن المواجهة أصبحت تستهدف حدود المملكة والمواطن السعودي وأمن وسلامة المدن السعودية»، ووصف الأمر ب «غير المقبول»، كاشفاً أن «أسلوب التعامل سيختلف بناءً على الخطأ الذي ارتكبته الميليشيات، وهو أحد أبرز أخطائها خلال الفترات الماضية». وتعهد بأن «تتخذ قيادة التحالف والقوات المسلحة السعودية الإجراءات الكفيلة بردع هذا العمل؛ على أن يشمل ذلك الأشخاص الذين خططوا له أو المواقع، التي انطلقت منها القذائف والمدن التي تؤوي المنفذين والمخططين». وأبلغ الصحفيين أن «الرد سيكون قاسياً منذ هذه اللحظة ومختلفاً في شِدَّته ومُدَّته ومبادِراً، وسيستهدف جميع قادة الميليشيات ومواقعهم القيادية ومناطق تجمعاتهم ومَنْ خطَّط لقصف الأراضي السعودية»، مضيفاً «لن يكون هناك مجال محدد للعمليات» ومعتبراً أن «الميليشيات ردت بالقصف على مشروع هدنة إنسانية ل 5 أيام طرحته الرياض». وعن موعد انتهاء عملية الرد على قصف جازانونجران؛ كرر أن «الرد سيكون قاسياً وسيدفع الحوثيون ثمناً غالياً لأن أمن وسلامة حدود المملكة أولوية قصوى بالنسبة لقيادة التحالف وللقوات المسلحة السعودية (..)، وبالتالي سيكون هناك عمل مستقبلي يبدأ منذ هذه اللحظة، وينتهي بانتهاء الأهداف التي تم وضعها من قِبَل القيادة السياسية، وستقوم القوات المسلحة وقيادة التحالف بتنفيذها على الأرض». ولفت إلى «استهداف مَنْ كانوا يتمركزون بالقرب من الحدود» وإلى عمليات استهدفت أمس مناطق في صعدة ومران وضواحيهما «لأن مَنْ قاموا بهذا العمل يتحصنون في هذه الأماكن». وبالتزامن؛ أفيد بشن مقاتلات التحالف غارات جوية على عدة مواقع في محافظة صعدة صباح أمس. وقالت مصادر محلية إن «هذه الضربات استهدفت مناطق القفل والصمع وضحيان ورازح وساقين والمنزالة وبني معاذ ومثلث شداء ومفرق دويب والعبلا». وفي واقعةٍ منفصلة، نفَّذت مروحية عسكرية سعودية من طراز أباتشي هبوطاً اضطرارياً أمس في منطقة حدودية بين نجران واليمن، بحسبما أفاد مسؤول سعودي مستبعداً أي عمل عدائي خلف الواقعة ومرجعاً الهبوط إلى خلل فني. وأفاد المسؤول بأن المروحية هبطت اضطرارياً، وبأن «الطيارَين اللذين كانا على متنها لم يصابا بأذى». وخلال مؤتمره الصحفي؛ تطرَّق العميد عسيري إلى الواقعة، إذ قال إن المروحية من نوع أباتشي وتتبع القوات البرية الملكية السعودية و«تعرضت إلى خلل فني ما اضطرها إلى الهبوط الاضطراري الذي لم يتم بشكل سليم». ونتج عن الحادث إصابة قائد الطائرة إصابة طفيفة في اليد «وهو يتلقى العلاج وبصحة جيدة»، بحسب عسيري، أما مرافق الطيار ففي حالة جيدة ولم يتعرض إلى إصابات. وعلى صعيد التطورات الميدانية في اليمن؛ صدَّت المقاومة الشعبية في عدن (جنوباً) محاولة تقدم لقوات حلف (الحوثي- صالح) في حي دار سعد. وأورد موقع «عدن الغد» الإخباري أن المقاومين تصدوا لتقدم المتمردين وقتلوا ثلاثة منهم، ناسباً إلى مصدر محلي أن «المقاومة تسيطر بشكل كامل على دار سعد». وأبلغ شهود عيان الموقع الإلكتروني نفسه أن «قوات موالية للحوثيين قصفت بالتزامن مساكن أهلية في الحي، ما أسفر عن تدمير ثلاثة مساكن في شارع الصفاء خلف المحكمة». وأكد مسعفون أن «هذه المنازل سقطت فوق رؤوس ساكنيها» وأنهم يواجهون صعوبة في إخراج الضحايا. بدورها؛ اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» ميليشيات الحوثي وحلفاءها بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين خاصةً في عدن. ودعت المنظمة، في بيانٍ لها، إلى «العمل على ضرورة تجنيب المدنيين آثار الصراع»، وتحدثت عن «أوضاع مأساوية في عدن» بعد يومٍ على تأكيد مصادر ميدانية وطبية مقتل العشرات من المدنيين بعد استهداف قارب كبير كان ينقلهم من شاطئ منطقة التواهي في المدينة إلى منطقة البريقة. وقدّرت صحف يمنية عدد «قتلى القارب» ب ثمانين شخصاً. واعتبر القياديان في الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن، علي سالم البيض وعبدالرحمن الجفري، ما حدث في التواهي أمس الأول جريمة بشعة لا يجب أن تمر دون عقاب مرتكبيها من القيادات الحوثية، ورجال علي عبدالله صالح في المؤسسة العسكرية. وشدد البيض (وهو رئيس سابق لدولة جنوب اليمن) والجفري، في بيانٍ مشترك، على أن «الجرائم في التواهي وخور مكسر والمعلا وكريتر والقلوعة ودار سعد (مناطق في عدن) وفي محافظات لحج والضالع وأبين وشبوة (جنوباً) ستظل محفورة في قلوبنا ولن ينساها شعبنا». واتهما المتمردين ب «قتل المدنيين، واغتصاب وانتهاك الحرمات، وقصف ودك المساكن بالأسلحة الثقيلة، واقتحام الفنادق التي تأوي النازحين وقتلهم، وقصف النازحين على القوارب». ودعا البيان خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى «إنقاذ الجنوب من هذه الهجمة العدوانية التي تجاوزت كل حد»، متوقِّعاً أن «لا يرضخ الجنوبيون ولو استمرت حرب الإبادة التي تمارسها تلك الميليشيات ومَنْ معها من قوات عسكرية». وفي مأرب (وسط)؛ أفادت مصادر قبلية بسيطرة المقاومة المسنودة بقوات عسكرية مؤيدة للشرعية أمس على جبل صلب الإستراتيجي في المحافظة وأسر سبعة من الجنود المتمردين وقتل عددٍ آخر من زملائهم. ونقل موقع «يمن برس» عن المصادر قولها إن «المقاومة دحرت الحوثيين من الجبل المطلّ على منطقة الجدعان بجوار معسكر ماس، وسيطرت على كل النقاط العسكرية المحيطة بالجبل». وأورد الموقع نفسه أن «المقاومة في مأرب وجَّهت أيضاً ضربات مدفعية وصاروخية على معسكرات وتجمعات للتمرد في مديرية صرواح، سقط على إثرها عدد من القتلى والجرحى»، مشيراً إلى مشاركة القوات الموالية للشرعية في توجيه الضربات. وفي مدينة تعز (جنوبي غرب)؛ أعلنت المقاومة أمس سيطرتها على موقع العروس العسكري التابع للواء 35 مدرع. وأبلغت مصادر محلية موقع «مأرب برس» أن المقاومة سيطرت على الموقع بالكامل وتكبدت قتيلين فيما سقط من الحوثيين وقوات صالح خمسة قتلى وستة أسرى. وذكرت المصادر أن «المقاومة سيطرت لاحقاً على كامل المواقع الإستراتيجية في جبل صبر». ووفقاً لموقع «المصدر أونلاين»؛ يقع معسكر العروس أعلى جبل صبر ويطلُّ على أحياء تعز. وكان المقاومون قد أمهلوا المتحصنين في «العروس» أسبوعين لإخلائه دون قتال، لكنهم رفضوا الاستسلام «لتندلع معركة انتهت بخروجهم منه بالقوة»، بحسب «مأرب برس». في غضون ذلك؛ حذرت رئيسة بعثة منظمة «أطباء بلا حدود» في اليمن، ماري إليزابيث إينجريس، محذِّرةً من «كارثة إنسانية وشيكة في عديد من المناطق اليمنية خصوصاً في مجال الصحة». وقالت إينجريس، في حوارٍ مع صحيفة «لوبزرفاتور» الفرنسية نُشِرَ أمس، إن «عدداً كبيراً من الجرحى اليمنيين لا يجدون مكاناً لتلقي العلاج، فضلاً عن وجود عديد من النساء الحوامل اللائي لا يجدن مكاناً للوضع». وتحدثت عن «صعوبات بالغة تواجه جهود منظمات الإغاثة لمواصلة عملها وإيصال الأدوية لمَنْ يعانون من أمراض مزمنة»، معربةً عن قلقها من «تفشي الأوبئة في المناطق التي تعاني نقصاً في الوقود والكهرباء والماء الصالح للشرب». ونبَّهت قائلةً «إذا ما استمر الوضع بلا ماء أو غذاء أو دواء؛ سيتحول بطبيعة الحال إلى كارثة إنسانية». سياسياً؛ أكد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الشيخ محمد بن زايد، أن الحل في اليمن سيكون سياسياً عنوانه قرارات الشرعية الدولية. وشدد الشيخ محمد بن زايد، خلال استقباله أمس نائب رئيس اليمن خالد بن محفوظ بحاح، دعم الإمارات للشرعية بما يكفل عودة الأمن والاستقرار إلى اليمن. وكشف عن سعي بلاده لإيصال مساعدات إنسانية إلى اليمنيين عبر المنافذ البحرية «لضمان المعالجة السريعة للأزمة الإنسانية التي تشهدها اليمن»، مطمئناً بحاح بالقول إن «الإمارات ستتعامل مع الجالية اليمنية بما تقتضيه الظروف الراهنة»، وإن «الأحداث والأزمات لا تؤثر على تعاملنا الإنساني مع الأشقاء ومع الجاليات، التي تعيش في هذا البلد بكل أمان واطمئنان». في المقابل؛ أبدى نائب رئيس اليمن تمسك بلاده بحل سلمي يستند إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، رافضاً مساراً سياسياً مفروضاً بقوة السلاح والعنف، في إشارةٍ إلى المسار الحالي الذي يفرضه الانقلاب. وذكر بحاح أن الخسائر الكبيرة الناتجة عن الاجتياح الحوثي المسنود بميليشيات علي عبدالله صالح تُقدَّر بأضعاف أي خسائر أخرى، متهماً المتمردين بأنهم «لا يتورعون في سعيهم للتمدد واستهداف المواطنين العزل والتنكيل بالأبرياء». وكانت الحكومة اليمنية قد وافقت أمس على هدنة الأيام الخمسة، التي اقترحتها المملكة لتسهيل أعمال الإغاثة. وأكد الرئيس عبدربه منصور هادي موافقته على الهدنة خلال لقاءٍ جمعه أمس في الرياض بوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري. و«جرى خلال اللقاء بحث تطورات الأوضاع في اليمن وسبل دعم الجهود المبذولة لتعزيز السلام في المنطقة»، كما أفادت وكالة الأنباء السعودية «واس». وفي تطورٍ موازٍ؛ أقال هادي أمس قائد القوات الخاصة في مدينة تعز، حمود الحارثي، ومدير عام شرطة مدينة إب، محمد الشامي، من منصبيهما، وقرر إحالتهما إلى محاكمة عسكرية. كما طالت الإقالة والإحالة إلى المحاكمة المسؤول الأمني في إب، العميد عادل حميد عنتر. وسبق للرئيس أن أقال عدداً من القيادات والضباط في مؤسستي الأمن والجيش خلال الأيام الماضية بتهمة التواطؤ مع الانقلاب، و«الإخلال بأداء الواجب الأمني والوطني». وعلى صعيدٍ مختلف؛ أسفرت غارة لطائرة أمريكية دون طيار عن مقتل القيادي في تنظيم القاعدة في اليمن، ناصر الأنسي. وأفاد مركز «سايت الأمريكي المتخصص في رصد المواقع الإلكترونية للجماعات المتطرفة بأن «القاعدة أعلنت مقتل الأنسي». وكان الأخير قد ظهر في شريط فيديو في ال 14 من يناير الماضي معلناً مسؤولية تنظيمه عن الهجوم على مقر صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية، التي اعتادت رسم رسوم كاريكاتورية مسيئة للإسلام.