يمثل القانون أمرا مهما وضروريا في حياة كافة أفراد المجتمع، فهو ينظم الحياة في المجتمع ويوظف أبعاد الحقوق فيها، ويعزز القيم ويمنع الأخطاء وبما يتضمنه من ضوابط وأحكام وقواعد ملزمة لأفراد المجتمع جميعا، ويترتب على مخالفتهم لها إيقاع جزاء عليهم من قبل السلطة العامة. وانطلاقا من هذا الدور المهم والبعد الجوهري للقانون، فإنه يلزم أن تكون أحكامه معلنة ومنشورة ومتاحة للجميع، ولكن مع الأسف، الواضح أن في مجتمعنا السعودي ضعفا ملموسا في الثقافة الحقوقية لدى كثير من شرائح المجتمع، سواء كانوا رجالا أم نساء. وذلك ناتج من إحجام كثير من الأشخاص عن تثقيف أنفسهم من الناحية القانونية والحقوقية، مما يؤدي بهم إلى ارتكاب أخطاء قانونية تضطرهم إلى اللجوء إلى القانونيين والمحامين بحثا عن العلاج، وهو أمر كان بإمكانهم تجنبه لو كان لديهم معرفة مسبقة بأحكام القانون والنظام، مع العلم أن الدولة بقيادتها الحكيمة وتوجيهاتها السديدة عملت على إتاحة الأنظمة والقوانين في بعض المواقع، كموقع هيئة الخبراء بمجلس الوزراء والمركز الوطني للوثائق والمحفوظات، لتكون في متناول الجميع. ومن وجهة نظري كمتخصص في القانون أن من أهم أسباب ضعف الثقافة الحقوقية في المجتمع السعودي، قلة الدوريات القانونية المتخصصة التي تقوم بنشر البحوث والدراسات القانونية، وضعف الدور الذي تقوم به موسسات المجتمع المدني في نشر الثقافة الحقوقية والقانونية، إضافة إلى أن الثقافة الحقوقية لم تأخذ جزءاً وافياً ضمن المناهج التعليمية، على الرغم من أهمية تعريف أفراد المجتمع بما لهم وما عليهم من حقوق وواجبات تجاه أنفسهم والآخرين، مع العلم أن رفع مستوى الثقافة الحقوقية لدى أفراد المجتمع بفئاته المختلفة يسهم في حملهم على احترام القوانين والأنظمة وتجنب مخالفتها، كما أنه من ناحية أخرى يؤدي إلى تقليل المنازعات والقضايا التي ترفع للجهات القضائية. ويسهم في توظيف القانون بتفاصيله في حياة الفرد والمجتمع مما يوفر بيئة حقوقية وقانونية تنعكس على الصالح العام للمجتمع.