شنَّت طائرات تحالف «إعادة الأمل» حملة قصف جديدة لمواقع المتمردين في صنعاء، في وقتٍ أعلنت المقاومة الشعبية في مدينة تعز إحرازها تقدماً ميدانياً في شارع حيوي ومنطقة سكنية راقية، بينما أعلنت منظمة الصحة العالمية عن «تراجعٍ تدريجي في إمكانية وصول الأدوية إلى محافظاتالجنوب». وأفادت مصادر عسكرية بأن الضربات الجوية استهدفت أمس معسكرات للحوثيين في محيط مطار صنعاء الدولي. وقبل ذلك بساعات؛ استهدفت الطائرات فجراً مقراً لجهاز الأمن السياسي في جولة «دوار» آية القريبة من منطقة الحصبة وسط العاصمة، ومقراً تابعاً لوزارة الداخلية في المنطقة نفسها. كما طال القصف الجوي في صنعاء مواقع في منطقة فج عطان ومنطقة نقيل يسلح وجبل نقم. ورصد موقع «المشهد اليمني» الإخباري 3 غارات استهدفت فجراً موقعاً قريباً من مطار صنعاء الدولي وقاعدة الديلمي الجوية، مشيراً إلى «تصاعد النيران في المواقع التي تعرضت للقصف، كما سُمِعَ دوي انفجارات عنيفة»، في إشارةً إلى وجود مخزون من الأسلحة. وأورد الموقع نفسه أن «العاصمة ضجَّت بأصوات الدفاعات الأرضية التي حاولت التصدي للغارات المتتالية دون جدوى». في غضون ذلك؛ قُتِلَ ليل الخميس – الجمعة 47 شخصاً في عدن معظمهم من المتمردين جراء معارك وغارات، بحسب إفادة مسؤول طبي أمس. وذكر المسؤول الذي طلب حجب اسمه أن «الغارات أوقعت 29 قتيلاً من الحوثيين والجنود الموالين لهم، فيما قُتِلَ 10 من عناصر المقاومة و8 مدنيين في معارك، علاوة على إصابة 59 آخرين». وقال سكان إن «طيران التحالف استهدف قوافل للميليشيات كانت في طريقها إلى عدن قادمةً من محافظتي أبين ولحج». ويفرض الحوثيون حصاراً على الأحياء القريبة من ميناء المدينة و «يمنعون نقل المساعدات وإجلاء الجرحى» كما قال المتطوع في فرق الإنقاذ، بسام القاضي. بموازاة ذلك؛ حذَّر عماد بطاطا «من سكان عدن» من أن «شبح المجاعة يخيِّم على حي المعلا في منطقة الميناء»، وأوضح أن «مخبزاً واحداً يعمل، وننتظر في الطابور لساعات أملاً في الحصول على بضعة أرغفة». ووفقاً له، فإن «المعلا تعيش من دون مياه وكهرباء منذ 15 يوماً». واتهم ساكن آخر في الحي، يُدعى عامر، الميليشيات المتمردة ب «السعي إلى إخضاع مدينتنا بكل الوسائل». ومنذ أسابيع؛ يحاول حلف «عبدالملك الحوثي – علي عبدالله صالح» السيطرة على عدن بشكلٍ كامل، لكنهم يواجهون طيران التحالف ومقاتلي المقاومة الشعبية. ويتحدر الحوثيون من أقصى شمال اليمن وينتمون إلى الطائفة الزيدية. وكان مسلحوهم سيطروا على صنعاء في سبتمبر الماضي وتقدموا باتجاه الجنوب والشرق، قائلين إنهم يقومون بثورة على المتشددين والمسؤولين الفاسدين. لكنَّ الجنوبيين يعتبرون الحملة القادمة من الشمال «غزواً»، ويستميتون في مواجهتها. وخلال وجوده في مواقع قتالية في محافظة لحج؛ اعتبر القيادي في المقاومة، العميد محمد صالح طماح، أن «المقاومة الجنوبية تفجرت في كل محافظاتالجنوب ولن تتوقف إلا بطرد المحتل القديم الجديد» في إشارة إلى مليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق. وتعهد طماح، في تصريحات صحفية، ب «الصمود في كل الجبهات»، وذكَّر بأن «الجنوبيين انتهجوا النضال السلمي منذ سنين، وحين طفح الكيل عندهم انطلقوا نحو الجبهات بكل بسالة». وأبدى القيادي ارتياحه لدور التحالف العربي، قائلاً إن «عاصفة الحزم قدمت خدمة عظيمة لشعب الجنوب الذي كان ينتظرها منذ سنين لدك أوكار المعتدين الذين عاثوا في مناطقنا فساداً منذ احتلالها عام 1994م»، مذكِّراً بتاريخ قيام حرب أهلية بعد 4 سنوات من إعلان وحدة الشمال والجنوب في دولة واحدة. وبين عدن ولحج؛ استهدف التحالف مواقع في بلدة كرش التي شهدت في الوقت نفسه اشتباكات عنيفة أسفرت وفقاً لمصادر اللجان الشعبية عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين «الحوثيين والمقاومة». وإلى الغرب من عدن؛ تزامنت غارات على مواقع عسكرية وتجمعات مسلحين في محافظة تعز مع إعلان المقاومة الشعبية في المدينة إحراز تقدمٍ ميداني. وأفاد موقع «سكاي نيوز عربية» بمقتل 35 متمرداً على الأقل وإصابة 60 آخرين في قصف جوي استهدف تجمعاتهم في المنتجع السياحي ومواقع أخرى في مديرية دمنة خدير جنوب شرقي مدينة تعز. وبالتزامن مع الغارات؛ احتدمت المعارك في المدينة، وأعلنت المقاومة سيطرتها على نقطة شرطة في شارع الخمسين الحيوي، مؤكدةً أنها تعمل على طرد الحوثيين وقوات صالح من موقع تابع لقوات الدفاع الجوي التابعة للواء 35. ونسب موقع «المشهد اليمني» إلى مصادر تَعِزيَّة قولها إن المقاومة تقدمت أمس باتجاه معاقل التمرد في منطقة المجلية الراقية في المدينة، التي يسكنها رجال أعمال ومسؤولون حكوميون كبار. وذكرت هذه المصادر أن «التقدُّم أعقب اشتباكات عنيفة للغاية استُخدِمَت فيها مختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة بما فيها الدبابات». وأضافت أن «المقاومين تقدموا نحو مدرسة أروى التي استُخدمَت لتخزين الأسلحة». واعتبر «المشهد اليمني» أن «وصول المقاومة المدعومة بالجيش الموالي للشرعية إلى هذه المناطق يعني إحكام السيطرة على معظم الأحياء المهمة في المدينة خاصةً الأحياء التي يقع فيها المعسكر التابع للواء الثاني (حماية رئاسية) والقصر الجمهوري». و «بات المناهضون للانقلاب قاب قوسين من المستشفى العسكري والمركزي الثقافي ومقر الحوثيين»، بحسب الموقع ذاته الذي لفت إلى «سقوط قتلى في حي الجمهوري واعتقال نجل نائب محافظ لحج الذي كان يقاتل في تعز إلى جانب ميليشيات الحوثي وصالح». وفي شارع الخمسين الواقع غرب المدينة؛ حققت المقاومة تقدُّماً وسيطرت على نقطة الشرطة وغَنِمَت سيارة «فورد» مع مضاد الطيران، قبل أن تمشِّط المناطق المحيطة. وعقب صلاة الجمعة؛ خرجت مسيرات في مدينتي تعز وإب تنديداً بالممارسات الحوثية ودعماً للحكومة الشرعية التي تمارس مهامها من الرياض. وندد المتظاهرون في إب بما أسموه استئثار الميليشيات المتمردة بالمواد التموينية والبترولية بدعوى توجيهها إلى المجهود الحربي، واستنكروا بقاء الميليشيات في محافظتهم داعين إلى سرعة إخلائها مؤسسات الدولة وعدم استخدام الطرق كمعابر لأرتالها العسكرية المتجهة إلى محافظتي تعز والضالع. كما نددوا، بحسب موقع «مأرب برس»، ب «سياسة اختطاف المعارضين» وب «الحروب العبثية ضد الشعب». و»خرجت تظاهرات مماثلة في تعز على الرغم من استمرار القتال»، بحسب «مأرب برس». وشمالاً؛ شنت الطائرات عصر أمس غارات على مواقع عسكرية في مديرية حرض تزامناً مع هجوم بطائرات الأباتشي على موقع عسكري في جبل النار (50 كم شرق المديرية)، بحسب مصادر يمنية. وأبلغ سكان في حرض موقع «سكاي نيوز عربية» أن مواقع الحوثيين وقوات علي عبدالله صالح تعرضت لأعنف ضربات منذ بدء الحملة الجوية «إذ بلغ عدد الغارات قرابة الثلاثين». وأورد الموقع نفسه أن «طيران التحالف، الذي تقوده السعودية، شن غارات على جبل النار ومنطقة أبو دوار في مديرية كشر التي تضم أكبر تجمعات الحوثيين في حجة». وتأتي هذه الغارات بعد يومٍ على إعلان وزارة الدفاع السعودية صد هجومٍ للميليشيات وعسكريين موالين لهم على حدود قطاع نجران مع اليمن. وكانت «الدفاع» السعودية أفادت مساء أمس الأول بأن «القوات البرية السعودية قتلت العشرات من أفراد الميليشيات» خلال «عملية نوعية» لإحباط الهجوم الحدودي. وفي محافظة الجوف «شمال شرق»؛ استهدفت غارات جوية مواقع للتمرد في مناطق وادي القدير والندر شرق موقع الصفراء الذي يخضع لسيطرة الحوثيين. ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن شهود قولهم إن تعزيزات كانت وصلت إلى الحوثيين في تلك المناطق. وأشار الشهود إلى معاينتهم سيارة تنقل قتلى وجرحى من عناصر الجماعة المتمردة عقب الغارات، دون أن يتضح عددهم. في سياقٍ متصل؛ صدرت دعوةٌ أممية إلى تحييد المستشفيات خلال القتال بين المتمردين الحوثيين والمقاومة الشعبية اليمنية، بينما حذرت منظمة الصحة العالمية من أن «تبعات النزاع تطول 7.5 مليون نسمة». وشددت الأممالمتحدة على ضرورة تحييد المستشفيات خلال المعارك بعد يومٍ من إعلان اللجنة الدولية للصليب الأحمر إغلاق مستشفى الجمهورية في عدن«جنوب» بسبب دخوله في نطاق القتال بين الحوثيين والمناهضين لهم. واعتبرت الأممالمتحدة، في بيانٍ صدر عن أمينها العام مساء أمس الأول، أن هناك حاجة أيضاً إلى «استئناف عملية تأمين المحروقات»، مؤكدةً أن «عدم توافرها أرغم برنامج الأغذية العالمي على وقف توزيع المواد الغذائية في عددٍ من المناطق اليمنية». و»تطول تبعات النزاع 7.5 مليون يمني أي ثلث السكان»، بحسب منظمة الصحة العالمية. ورصدت المنظمة، في تقريرٍ نشرته أمس، تراجعاً تدريجياً في إمكانية الوصول إلى غالبية الطرق التي تصل العاصمة صنعاء بمناطق تعز وعدن والضالع ولحج «جنوب»، واعتبرت أن «هذا الأمر يحدُّ من القدرة على توزيع الأدوية»، ووصفت الوضع الإنساني في اليمن ب «متدهور خصوصاً في تعز حيث تجري معارك عنيفة»، مشيرةً إلى «نقص كبير في الأدوية والطواقم الطبية في مناطق تشهد عنفاً» و»خطرَ نقصٍ حاد في المياه النظيفة في كافة أنحاء البلاد». وتحدث التقرير عن «صعوبات تواجه السكان خلال محاولتهم الوصول إلى المنشآت الصحية»، وحذر من زيادة حالات الالتهاب الرئوي والإسهال الحاد والملاريا، كاشفاً عن تلقي «الصحة العالمية» 44 تحذيراً من احتمال انتشار الأوبئة و «بينها التهاب السحايا والحصبة وحمى الضنك». وأدى تدهور الأوضاع في اليمن منذ منتصف مارس الماضي إلى فرار 12 ألف شخص «يمنيون وأجانب» إلى القرن الإفريقي عن طريق البحر. وأوضحت المنظمة الدولية للهجرة أن «أكثر من 8900 من هؤلاء توجَّهوا حتى الآن إلى جيبوتي، فيما توجَّه 3410 إلى الصومال». ودقَّ الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ناقوس الخطر مجدداً، وطلب مساء أمس الأول من «جميع الأطراف ضمان وصول آمن للوكالات الإنسانية إلى السكان». وشدد بان كي مون على ضرورة «استئناف استيراد المحروقات لتجنب تفاقم الوضع الإنساني الكارثي»، محذراً من أن «العمليات الإنسانية ستتوقف في الأيام المقبلة في حال عدم استئناف التموين بالمحروقات». وتابع: إن «الطاقم الصحي في اليمن والخدمات الصحية والاتصالات على وشك الانهيار». بدوره؛ دعا مجلس الأمن الدولي إلى عقد اجتماع مساء أمس بطلب من روسيا ل «بحث تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن»، كما قال دبلوماسيون. ودعت روسيا إلى إجراء مشاورات بين أعضاء المجلس ال 15 بسبب القلق حول نقص الإمدادات الذي يهدد بوقف كل عمليات الإغاثة. وبدأ الاجتماع في الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش، ولم يصدر عنه بيان حتى ساعة مثول الصحيفة للطبع. وتتهم دول تحالف «إعادة الأمل» بقيادة المملكة المتمردين بعرقلة العمليات الإنسانية واستهداف المدنيين. وترى الرياض ودول الخليج العربي أن طهران مسؤولةً عن إمداد جماعة الحوثي بالسلاح ودعمها لوجيستياً. لكن طهران ألمحت أمس إلى إمكانية تطوير العلاقات مع الرياض مستغلةً تعيين وزير خارجية سعودي جديد. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، أنه هنأ نظيره عادل الجبير معرباً عن «الأمل في تطوير العلاقات بين الجمهورية الإسلامية في إيران والمملكة العربية السعودية». ويخلف الجبير الذي كان سفيراً لدى واشنطن الأمير سعود الفيصل الذي شغل المنصب طوال 40 عاماً. وتصاعد التوتر مؤخراً بين طهرانوالرياض بسبب الدور الإيراني في سوريا والعراق والبحرين وخصوصاً اليمن. وتنفي طهران تسليحها الحوثيين، إلا أن تقريراً سرياً لخبراء في الأممالمتحدة رُفِعَ إلى مجلس الأمن الدولي أكد أنها بدأت ذلك منذ العام 2009 على الأقل. وفي حين تشترط دول مجلس التعاون الخليجي تنظيم أي مفاوضات محتملة بين الأطراف اليمنية في العاصمة السعودية وتحت إشراف المجلس؛ تدعو طهران إلى منح المباحثات الصفة الدولية.