جددت المملكة العربية السعودية التأكيد على الحق المشروع لدول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها. جاء ذلك في كلمة المملكة أمام مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية للعام 2015 التي ألقاها أمس الثلاثاء في مقر الأممالمتحدة في نيويورك المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأممالمتحدة،السفير عبد الله يحيى المُعَلِّمِي. وقال،السفير في مستهل كلمته التي هنأ فيها رئيس المؤتمر على انتخابه " إنني على ثقة بأن ما تتمتعون به من قدرات دبلوماسية وخبرات واسعة سوف يسهم بلا شك في نجاح المؤتمر وتحقيق أهدافه، مؤكداً عزم وفد بلادي التعاون معكم لإنجاح مهمتكم. ويؤيد وفد بلادي ما تضمنه بيان المجموعة العربية وبيان حركة عدم الإنحياز". واضاف "إلتزاماً من المملكة العربية السعودية بأحكام ميثاق الأممالمتحدة ومبادئ الشرعية الدولية بوصفهما ركيزة أساسية في سياستها الخارجية، فانها تولي أهمية خاصة لتعزيز دور الأممالمتحدة في جميع المجالات ولا سيما فيما يتعلق بقضايا السلم والأمن الدوليين ونزع السلاح، وذلك إيماناً منها بأن هذه القضايا تمثل وحدة متكاملة لا يمكن بدونها للعالم أن يعيش بسلام واستقرار؛ وأن تعزيز مناخ السلم والأمن الدوليين يتطلب إرادة سياسية صادقة وعزيمة قوية من جميع الدول وعلى الأخص الدول الحائزة على الأسلحة النووية حتى يتم التخلص من الاعتماد على الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل كأدوات للأمن القومي". وتابع قائلا "تؤكد المملكة العربية السعودية على أهمية الجهود التي تحقق غايات عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل التي تبدأ بإدراك ضرورة تبني المجتمع الدولي بأكمله لما هو قائم بالفعل من معاهدات وأطر قانونية وأخلاقية هادفة إلى التوصل إلى عالم خال من السلاح النووي لا سيما في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث إن استتباب الأمن والاستقرار في أي منطقة لا يأتي عن طريق امتلاك أسلحة ذات دمار شامل، إنما يمكن تحقيقه عن طريق التعاون والتشاور بين الدول، والسعي نحو تحقيق التنمية والتقدم، وتجنب السباق في امتلاك هذا السلاح المدمر. وجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية قد أعلنت مؤخراً عن تأييدها للوثيقة الصادرة عن مؤتمر فيينا الخاصة بالآثار الإنسانية للاسلحة النووية". وقال،المُعَلِّمِي: إنه على الرغم من عالمية معاهدة منع انتشار الأسلحة وكونها تشكل حجر الزاوية في بناء المنظومة الدولية لنزع السلاح وعدم الانتشار، إلا أن الجهود الدولية في الإطار متعدد الأطراف لا تزال دون المستوى المطلوب، وهو ما يجعل المشهد السياسي مشوباً بالغموض. وفي ذات السياق أوضح بأن السعودية تؤمن يقيناً بأن بقاء المشهد الحالي على ما هو عليه من شأنه أن يجعل الأوضاع أكثر صعوبة، ذلك لأن انعدام إحراز تقدم ملموس في تطبيق قرار جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية قد يدفع بإتجاه الإنزلاق إلى سباق التسلح النووي. وقال "إنطلاقاً من موقف المملكة العربية السعودية الرامي إلى جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل‘ فإن المملكة تعلن عن أسفها العميق لعدم عقد المؤتمر الخاص بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى – الذي كان مقرراً أن يعقد في هلسنكي بفنلندا في نهاية عام 2012 -وذلك بسبب رفض إسرائيل. وإنه من المؤسف حقاً أن يتوافر إجماع دولي ورغبة إقليمية ملحة في جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية وتقف إسرائيل حائلاً أمام تحقيق رغبة شعوب المنطقة في العيش في منطقة خالية من الرعب النووي". وأوضح أنه من المفيد لمعاهدة حظر الانتشار النووي أن لا تشعر الدول بالقلق أو الشك في حكمة قبولها للتمديد اللانهائي للمعاهدة، أو حتى انضمامها لها، وهو شعور يتزايد ما دامت إسرائيل لم توقع على المعاهدة". وأضاف "تأمل المملكة العربية السعودية أن يؤدي الإتفاق الإطاري الذي تم التوصل إليه في مدينة لوزان بسويسرا بين الدول الكبرى وإيران بشأن ملفها النووي إلى التوصل إلى إتفاق نهائي ملزم يؤدي إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ويطمئن دول المنطقة والمجتمع الدولي؛ وأن تلتزم إيران بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية واحترام سيادتها. وتؤكد المملكة من جديد على الحق المشروع لدول المنطقة في الإستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها". وقال، "لقد أعلنت المملكة،عن عزمها على تطوير برنامج طموح لاستغلال الطاقة النووية للأغراض السلمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والمحافظة على المواد الهيدروكربونية القيمة للأجيال القادمة بشكل يتوافق كلياً مع متطلبات الأمن النووي وبما يلبي أقصى قدر ممكن من المعايير الإسترشادية للوكالة الدولية للطاقة الذرية في مراحل التخطيط والإنشاء والتشغيل. والمملكة ملتزمة بتأسيس نظام وطني محاسبي للرقابة والتحكم في المواد النووية، وتبذل قصارى جهدها في تطوير أجهزة الجمارك ومراقبة الحدود وجميع أجهزة إنفاذ القانون لمنع الإتجار غير الشرعي في المواد الخطرة والكشف عنه". وتابع، السفير "لا يسع حكومة بلادي إلا أن تعيد تأكيدها على أن التخلص من الأسلحة النووية يشكل الضمان الأكيد في مواجهة إستخدامها أو التهديد باستخدامها، كما ترى المملكة،أخذ مخاوف العديد من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية على محمل الجد في ظل استمرارية عدم الإستقرار في الشرق الأوسط والمخاطر المتعاظمة جراء الاحداث الأخيرة في المنطقة من خلال إعداد صك دولي ملزم يضمن سلامة وإستقرار الدول غير الحائزة للأسلحة النووية وإزالة كامل أسلحة الدول النووية".