تحت قبة الشورى تنطلق عشرات التوصيات من أسبوع لآخر بعضها يسلك طريقه إلى مجلس الوزراء وبعضها يتعثر ويبقى على أوراق المجلس وفي أدراجه، ورغم أن هذه التوصيات تتمحور في بناء الوطن وتنمية المواطن إلا أن مجلس الشورى وعلى امتداد سنوات طويلة يعاني من تباعد وفجوة ما بينه وبين المواطنين المعنيين أولاً وأخيراً بتوصيات الشورى على حياتهم ونمائهم ومستقبلهم وتباعد يتعلق بمنظومة الاحتراف في المقترحات ونوعها ومستقبلها. مجلس الشورى لا يخضع لرقابة سوى من داخله لذا فهو يطلق التوصية من تحت قبته إلى جهات عليا ثم يستريح المجلس أشهراً طويلة بل أعواماً وكأنه صنع الإنجاز وأنهى قصة التنمية وقضية المواطن. في مجلس الشورى العشرات من الخبرات ولكن هنالك أعضاء يأتون للحضور والتصويت على أجهزة المجلس الإلكترونية وَكم الأمر صعب بل وخطير إن كان العضو طيلة الوقت منشغلاً بأمور خارج المجلس ولما جاء وقت التصويت ضغط الخيار الأقرب ليمينه أو ضغطه بعشوائية، إضافة إلى أن هنالك أعضاء وعضوات يأتون للمشاركة ولا أبالغ إن قلت للحضور الممزوج بالأهمية وب "البرستيج" الوهمي لأنه في النهاية عضو وهي عضوة وهم يملكون كرسياً ولوحة اسم "يتبروز" عليها الاسم ويسمعون ويستمعون ويصوتون ويخرجون من قبة الشورى للعودة مرة أخرى في جلسة لاحقة هذا وهم في مجلس تنطلق منه مشورات أهم قرارات البلد والمواطن. مجلس الشورى يضم كل اللجان التي تتعلق بتفصيلات عمل الوزارات بشتى أنواعها وأصنافها واتجاهاتها ورغم كل ذلك نسمع أحيانا تصويتات على مقترحات غريبة عجيبة وأخرى سبق وأن تدارستها إدارات حكومية في فروع مناطق البلاد ونوع أخير يطلق التصويت عليه لأجل التصويت فقط كأداء واجب دون أن يكون هنالك آمال وتباشير لانتهائه مستقبلا أو إعادة النظر فيه. في مجلس الشورى بخلاف تهاون بعض الأعضاء وانشغال بعضهم باللجان الخارجية للصداقة وعدم مشاركة بعضهم بفاعلية وهو عضو مختار مرشح يمتلك المنصب والصوت وصناعة القرار في مقترحات تهم البلاد لا تزال هنالك توصيات معممة أو أخرى تناقش ظواهر معروفة أو مقترحات لحل مشكلات بديهية إضافة إلى أن طريقة المقترحات وصياغتها وعناوينها أحيانا تحتاج إلى إيضاح يكفل الإقرار بها مما جعل المجلس أسبوعيا يناقش ظواهر محلية وتنموية ويطلق مقترحات تخص الظواهر وسط ركود يمر على المجلس من أشهر لأخرى حول إطلاق مقترح استراتيجي أو مقترح تفصيلي جديد مبتكر يقضي بمفرده على مشكلات أزلية متعددة. في مجلس الشورى يتم مناقشة التقارير الصادرة من الوزارات ولكنها مناقشة على استحياء لا ترتقي لنقاش مرتبط بقرارات وتوصيات صارمة تجدول للتنفيذ بشكل عاجل لأن بعض الأعضاء خارجون من أبواب الوزارات ذاتها وكم هي أمنيتي أن لا تكون قد طغت المجاملات والشفاعات في عمل المجلس سابقا وستأتي لاحقا. عرائض المواطنين هي صورة نمطية في الشورى ويتم استدعاء الوزير ليتحول بمجرد دخوله للشورى من مستدعٍ للرد والإجابة والمناظرة إلى ضيف شرف وصاحب معالي ومالك صلاحية السكوت والتأجيل والتبرير وحتى مصادرة الإجابات أو إنهاء الموضوع تحت قبة الشورى في ساعات ليأتي ضيفا رفيعا ويخرج شريفا مرضيا وكأن العرائض الخاصة بالمواطنين والمقترحات أمامه صورة تختزل البيروقراطية التي تخلت عنها بعض الوزارات تدريجيا لتنتقل عدواها للشورى ويكون الوزير شاهد عيان والأعضاء مصفقين. مجلس الشورى في دورته الأخيرة يملك أسماء ذات باع طويل في الخبرة والإدارة والدراية وقراءة المستقبل سواء من الأعضاء أو العضوات ولكن مستقبل صناعة القرار من قنواته الرسمية يحتاج إلى أن يكون مجلس الشورى نقطة نظام ومجال رقابة داخلية وخارجية وأن يكون العضو ملماً بكل ما يحدث جواره في الوزارات وأن نرى توصيات لمقترحات مبتكرة متجددة بعيدا عن المقترحات المكررة بصياغات مختلفة أو كرة أسبوعية لمقترحات أزلية وعلى المجلس أن يعيد حساباته في أن يكون المواطن اهتمامه الأول، عليه أن يفتح كل القنوات مع المواطنين وأن يكون الصرح المحبب والقناة الأقرب لقلب المواطن لإيصال صوته ومناقشة مستقبله. على المجلس أن يفتح بابا وقناة أيضا لاستقبال مقترحات المواطنين وشكاواهم ومتطلباتهم بشكل أكثر تواصلية وأن يدرس جيدا مكامن الخلل وأن يراعي أن الانتقاد مقترح يصوت عليه الجميع ويتفق عليه الكل بأنه في صالح المجلس وتنمية الوطن والمواطن.