في العام الماضي 2009، تزاحمت مواضيع مهمة تحت قبة مجلس الشورى، ولامست شغاف قلوب المواطنين، فيما اقترب عبرها الأعضاء من تلمّس حاجات الناس اليومية والمستقبلية، في قضايا جوهرية مثل رفع مستوى معيشة المواطن، وحلول لأزمات البطالة والتوظيف، وأسئلة شائكة حول المال العام، غير أن مواطنين يجدون أن ما يطرح من مشاريع وبرامج ورؤى عملية تحت قبة الشورى «مغرٍ جداً»، لكن «التطبيق والتنفيذ» يتأخر كثيراً، وأحياناً لا يأتي أبداً. السلطة التشريعية الممنوحة لمجلس الشورى تعجب العديد من المواطنين، خصوصاً حين ترتفع أصوات الأعضاء واقفة إلى جانب المواطن في كثير من القرارات والتوصيات، خصوصاً خلال مناقشة تقارير الأجهزة الحكومية السنوية، إلا أن الكثير من المواطنين يطالبون بإكساب المجلس سلطة أقوى من الحالية التي تبدو في بعض الأحيان ك«صوت بلا فائدة»، كما يقول المواطن هشام العلي (31 عاماً)، معتبراً أن «المجلس يناقش مواضيع كبرى تهم المواطن غير أننا لا نلمس أثراً واضحاً على كثير من القرارات تسهم في مساندة المواطن في حياته ومستقبله». حين سألت «الحياة» أكثر من مواطن حول رؤيتهم لأعمال مجلس الشورى، بدا أنهم لم يسمعوا به أبداً، والبعض يقول «أسمع الناس تنتقدهم لكن لا اعرف عملهم بالضبط» كما يشير عبدالله (28 عاماً)، فيما رفض الشاب خالد (30 عاماً) مقترح حضور إحدى جلسات الشورى بحجة القول «ليس لي رأي معتبر لو حضرت». بيد أن عمر (33 عاماً) قال: «الشورى يقوم بأدوار مميزة، لكنه يتأخر في رفع التشريعات والتوصيات الجديدة... صحيح أن من ضمن أولوياتهم خدمة المواطن ولكن ما يحدث الآن ليس كما يجب، فنحن بحاجة إلى طاقات أكبر للإسراع في دراسة وتفعيل التشريعات والقرارات التي تخدم المواطن». وينوه مواطنون بمهام وأعمال مجلس الشورى، فحين تتم مناقشة موضوع يمس حاجة المواطن، وتكون توصياته ذا أثر إيجابي، كالتصويت على رفع قيمة الصندوق العقاري إلى 500 ألف، أو إعانة للعاطلين، يباركون لبعضهم، متوقعين أن التوصية دخلت حيز التنفيذ، أو قاب قوسين أو أدنى من العمل بها سريعاً، بينما واقع الأمر أن المجلس سيرفع تلك التوصية للبت فيها، وربما استوفت عاماً أو عامين ولم يصدر شيء على التوصيات، حتى يكاد الناس ينسون التوصيات التي هللوا لها فرحاً، فتوصيات المجلس ليست «ملزمة»، الأمر الذي يحبط كثيراً من المواطنين بعد معرفتهم لاحقاً بما ستؤول إليه توصيات المجلس. للمجلس محاولات عدة في الاقتراب أكثر من المواطن، كان آخرها، إقرار لجنة حقوق الإنسان والعرائض، التي قال رئيسها عضو مجلس الشورى الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز الشدي، بعد تقلّده منصبه الجديد: «اللجنة التي أقرها المجلس ضمت جانبين مهمين كانا في لجنتين مختلفتين، حيث إن حقوق الإنسان كانت في السابق ضمن لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية، في حين كانت العرائض ضمن لجنة الإدارة والموارد البشرية». واعتبر «تخصيص مجلس الشورى لجنة مستقلة لهذين الموضوعين يندرج في إطار حرص المجلس على إبراز حقوق الإنسان وهموم المواطنين على الأخص من خلال العرائض والاهتمام بصوت المواطن في المجلس». وعبّر مواطنون عن أملهم بأن تكون اللجنة «طريقاً أسهل لإيصال همومهم وشجونهم حول التحديات التي يواجهونها في حياتهم»، خصوصاً بعد أن تعهد الدكتور الشدي، بأن «اللجنة الجديدة ستكون أداة تواصل تؤكد الارتباط بين المجلس والمواطنين، وستعمل على الاستفادة من المقترحات والآراء التي تقدم لها ودراستها والعمل على تطبيقها من خلال الجهات المعنية بتطبيق تلك المقترحات». إلا أن الجدل الذي بدأ منذ القدم حول ما إذا كانت «الشورى ملزمة» أو على اسمها مجرد «مشورة» فقط، يبقى هو المحك، الذي يعتبره أعضاء الشورى والمواطنون على حد سواء «مربط الفرس» في فاعلية المجلس وتأثيره، أو «تواضعه وسكونه».