قدم السويسري جروس للأهلي ولدورينا دروساً مهمة في التعاطي مع الأحداث والمواقف الصعبة أثناء منافسات الموسم. أذكر جيدا لحظة إعلان جروس مدربا للنادي الأهلي، وما رافق قدومه إلى الأهلي من عبارات كثيرة محبطة ومنددة بتولي اسم سويسري عاطل، دفة الأمور الفنية في ناد كبير ينشد بطولة دوري ولا غير. لاشك أن عوامل النجاح يجب أن تبدأ من قمة الهرم، ولاشك أن تضافر وتكامل الجهود مع الإدارة واللاعبين هو الآخر مسألة قيمة، لكن السيد جروس ومن خلال ما مضى من مراحل، ظل رهاناً أهلاوياً في محله. جروس الذي قدم فريقاً ممتعاً قوياً لا يؤمن بمبدأ الخسارة، هو جروس الذي يؤكد بتواضع في لقاءاته الصحفية وغير الصحفية على روعة المنافسات السعودية وقوتها. ولأننا قوم ننافس أنفسنا في الجوانب الفنية والخططية ونرى الأمور على طريقتنا أفضل، فإن جروس أحياناً مدرب لا يفهم ويقع في أخطاء مُتكررة أثرت على بعض نتائج الفريق. جروس مدرب ذكي يجيد اختيار العبارات ويوظفها بشكل مميز. حديثه عن بطولة الدوري وعن فريقه ومدى تحقيقها عبر لقاء ثالث مع المتصدر. حديثه عن اللاعبين وعن الروح التي يقدمونها وشكره لهم. قربه من اللاعبين وممازحتهم وتغليبه الجوانب النفسية دون غيرها. قصاصات جروس المعنوية ومتابعته لكل صغيرة وكبيرة، جعلت منه أباً روحياً للفريق وأعطته مساحة من التقدير والحب من لاعبي الفريق. تفوق حتى الآن السويسري ومازال يحمل في جعبته الكثير والمثير. لا يوجد مدرب كامل ولا يوجد في عالم التدريب كله مدرب يصل إلى قناعات كل الناس، لكن جروس لديه قدرة ميدانية قدم فيها للأهلي وللوطن كرة قدم حقيقية. تحتاج كرتنا أكثر من جروس وتحتاج فلسفتنا الخاصة تجاه الأجهزة الفنية التعديل والتطوير، فمفردة (سباك) مفردة مؤذية للفكر وتبعث برسالة عن فداحة قراءتنا للأمور. الأهلي المنسجم الذي يتم تغيير عناصره من مباراة إلى أخرى وفق ثقافة التدوير، أهلي متجانس يلعب بروح وبطريقة مختلفة، وهي بالتأكيد توليفة جهاز فني مميز لديه القدرة على تجيير الظروف الصعبة لصالح الفريق. يستحق جروس وفرقته الرائعة مكافأة ضخمة (بطولة دوري عبد اللطيف جميل) مع تقديرنا للجميع.