إنَّ عاصفةَ الحزم موقفٌ خليجيٌّ سياسيٌّ عسكريٌّ ذو أهدافٍ واضحةٍ محدَّدة، هبَّتْ لدعم الشرعيَّة في اليمن ولحفظ أمنه واستقراره، ولردع المليشيات الحوثيَّة والمخلوع ومليشياته المتحالفة معها، ولاستعادة أسلحة الدولة الثقيلة والمتوسِّطة منها؛ لتكونَ بيد سلطتها الشرعيَّة، وإعادة جميع الأطراف إلى طاولة التحاور والتفاوض، موقفٌ تجاوز الخليج ائتلافاً ليشملَ دولاً عربيّةً وإسلاميّة، وليجدَ تأييداً عالميّاً فدعماً لوجستيّاً واستخباراتيّاً، حقَّقتْ عاصفة الحزم بمنتصف أسبوعها الثالث من أهدافها السياسيَّة والعسكريَّة ما يتناسب مع أيَّامها المنصرمة، بل إنَّ مؤشِّرات منجزاتها لَتُوحي باستكمال أهدافها بمشيئة الله وتوفيقه قريباً، منجزات عسكريَّة ميدانيَّة لن أتناولها فالقارئ يتابعها يوميَّاً بسماعها من المتحدِّث العسكريِّ لعاصفة الحزم وإنَّما سأخصِّص مقالتي هذه مستقرئاً رسائلَها العشرَ التي بعثتها وتبعثها لمن تعنيهم. * رسالتُها لدول مجلس التعاون الخليجيِّ التي تعرَّفت من خلالها على قدراتها العسكريَّة وعلى إمكاناتها السياسيَّة، وعلى وطنيَّة شعوبها بدعمهم لقياداتهم السياسيَّة والعسكريَّة، وعلى قدراتها على تكوين الأحلاف وإدارتها على مستوى الدول العربيَّة والإسلاميَّة في ضوء الأهداف السياسيَّة والدوافع الأمنيَّة المشتركة؛ ممَّا سيجعلها مستقبلاً قوَّةً حقيقيَّة سياسيَّة وعسكريَّة واقتصاديَّة مؤثِّرة إقليميّاً ودوليّاً. * رسالتُها للدول العربيَّة الَّتي تبيَّنتْ من خلالها أنَّ وحدةَ الأهداف والمصير المشترك تتطلَّب منها تفعيلاً حقيقيّاً لجامعة الدول العربيَّة كتفعيل مجلس التعاون الخليجيِّ، وتكويناً لقوَّة عربيَّة مشتركة تدافع عن كياناتها وتدعم قضاياها، وتتسامى على صراعاتها الداخليَّة والبينيَّة، وتفعِّل مواقفها في هيئة الأمم المتَّحدة وفي مجلس الأمن ومنظَّماتها الأخرى، وتحرِّك قضيَّتها الأولى نحو آفاقٍ لظهور دولة فلسطين المستقلَّة. * رسالتُها للغرب بأنَّ العرب بتحالفهم في عاصفة الحزم اكتشفوا أنَّهم ليسوا بحاجة إليهم لحمايتهم من أعدائهم الإقليميِّين، وما ردُّ الأمير سعود الفيصل على موقف روسيا المتباكيةِ على حقوق الإنسان في اليمن، ومقارنته بحقوق الإنسان المهدرة والمنتهكة في سوريَّا بدعمها للنظام السوريِّ، وما تأييدُ الغرب لعاصفة الحزم ودعمه التحالفَ العربيَّ لوجستيّاً واستخباراتيّاً إلاَّ استشراف لنتائج عاصفة الحزم وللمتغيِّرات العربيَّة القادمة في ضوء تكوين قوة دفاع عربيٍّ مشترك وتحالفٍ عربيٍّ يحمي الحمى العربيِّ. * رسالتُها للدول الإقليميَّة المخطِّطة لبسط نفوذها في الوطن العربيِّ مستغلَّة حالة التفرُّق والشعور بالدونيَّة وبالهزيمة، والصراعات العربيَّة الداخليَّة والبينيَّة، فعملتْ لتحقيق الهيمنة بزرع الطائفيَّة في البلاد العربيَّة ونشر الفكر المتطرِّف فيها؛ لإضعاف جبهاتها الداخليَّة، وإذا بعاصفة الحزم تنسف خططها وتحرقها مرسلةً رسالتها السياسيَّة والعسكريَّة بقوَّةٍ إلى إيران وتركيا بأنَّ الظروف قد تغيَّرتْ، وأنَّ العرب بتحالفهم أصبحوا قوَّة عليهم أن يحسبوا لها حساباتهم، بل أنَّ الخطوة القادمة ستكون بالعمل على تحرير أقاليم عربيَّة سلبها الفرسُ والترك. * رسالتُها لهيئة الأمم المتَّحدة التي لم تَحْمِ قراراتها فيما يخصُّ القضايا العربيَّة في فلسطين وسوريا والعراق واليمن وليبيا، بأنَّ العربَ برفضهم مقعداً في مجلس الأمن سيكون لهم مجلسُ أمنٍ عربيٍّ يردع مستهدفيهم بقراراته وبتفعيل قوَّة الردع العربيِّ، وستكون جامعتهم العربيَّة بديلاً لهيئة الأمم بعدما غدتْ أداةً غربيَّة لإخضاع العرب ولإضاعة حقوقهم وتمييع قضاياهم. * رسالتُها لعرب الأقاليم السليبة في فلسطين وفي الشواطئ الشرقيَّة للخليج العربيِّ ابتداءً من إمارة بني كعب إلى مدينة لنجة العاصمة القاسمية قبل احتلالها الفارسيِّ؛ فالخليج بساحليه الغربيِّ والشرقيِّ عربيٌّ لا كما يدَّعي الفرس، ولعرب لواء الأسكندرون السوريِّ، ولعرب سبتة ومليلة المغربيَّتين وللجزر الإماراتيَّة بأنَّ العرب عازمون على تحرير أقاليمهم بالتفاوض أو بعواصف حزم أخرى. * رسالتُها للمرجفين من العملاء العرب وغيرهم المطلقين إشاعاتهم وأكاذيبهم في وسائل الإعلام لنشر البلبلة ولإضعاف الجبهة الداخليَّة العربيَّة لصالح قوى إقليميَّة ودوليَّة، ولاستخدام الطائفيَّة لتحقيق أهداف الفرس الحاقدين على العرب؛ لإسقاطهم إمبراطوريَّتهم الساسانيَّة ولإخمادهم نارهم المجوسيَّة، ولتحقيق أهداف الترك الناظرين إلى البلاد العربيَّة كجزءٍ من أملاكهم العثمانيَّة بعد فشلهم بتتريكهم. * رسالتُها لتنظيم القاعدة والدواعش والإخوان المسلمين وفروعهم وأخواتهم بأنَّ العرب لن يسمحوا لفكرهم المتطرِّف ولإرهابهم بتفتيت البلاد العربيَّة لإماراتٍ تدَّعي إسلاميَّتها وهي أدوات للجهل ولقوى إقليميَّة وغربيَّة؛ إذْ لا مجال بعدُ لأيِّ عابث بالأمن وبالاستقرار العربيِّ. * رسالتُها للميليشيات المسلَّحة في الوطن العربيِّ الخارجة عن القانون الدوليِّ وعن الشرعيَّات العربيَّة بأنَّها ستكون في مهبِّ عواصف حزمٍ أخرى أيّاً كانت مواقعها وأيدلوجيَّاتها وتسليحاتها ووسائلها وأساليبها الإرهابيَّة. * رسالتُها الحضاريَّة التفاوضيَّة والحواريَّة لتقريب وجهات النظر ولحلِّ الخلافات ولإنهاء الصراعات ولحماية الشرعيَّات العربيَّة في أيِّ بقعةٍ من الوطن العربيِّ، وأنَّ عاصفة الحزم ليست إلاَّ لتحقيق ذلك حينما غاب العقلُ وغيِّبتْ الحكمةُ، وظنَّ الخارجون عن الشرعيَّة أنَّهم بأسلحتهم وبتحالفاتهم الداخليَّة والإقليميَّة قادرون على فرض الأمر الواقع.