فتحت قرية إزميل التراثية التي تقع على شاطئ الفناتير بالجبيل الصناعية بمساحة تبلغ 1100 متر مربع، ذراعيها لأكثر من 70 ألف زائر في يومها الخامس منذ انطلاق مهرجان التراث والأسر المنتجة الذي تنظمه الهيئة الملكية في الجبيل، حيث يوجد بين جنباتها الأجنحة الشعبية والتراثية وعروض السيارات الكلاسيكية. ووصف صاحب القرية عبدالرحمن الجبر، اقتناء الآثار بأنه أصبح ضرورة لأنه يربط الجيل الحالي بماضي الآباء والأجداد، وقال ل «الشرق»، «نحن في حقبة زمنية افتقدنا هذا التواصل، وخلال العشر سنوات الماضية كانت هناك عودة وإقبال وتشجيع من قبل الدولة، وبعد وصول الأمير سلطان بن سلمان إلى رئاسة هيئة السياحة والآثار أصبح هناك اهتمام، ووجدنا أنظمة وقوانين، واقتناء الآثار جزء من موروثنا وحضارتنا ويجب الاحتفاظ بها والبحث عنها، كما يجب إيصالها بصورة حسنة إلى أبناء هذا الجيل لتحفيزهم وربط مسيرة الأبناء بالآباء». وحول وجود صعوبة في اقتناء الآثار والتحف، أوضح أنه في السابق لم يكن هناك بيع، أما الآن فانتشرت ظاهرة بيع الآثار في المزادات، فكان هناك تواصل بين المملكة ودوّل الخليج، وأصبح الحصول على القطعة الأثرية سهلاً من خلال هذه المزادات، وأضاف «ليس بالسهولة الحصول على ما تريد، ونواجه مصاعب كثيرة جداً، فعلى سبيل المثال أنا شخصياً بحثت عن مسيرة جواز السفر السعودي فلم أحصل خلال التسعة أشهر الماضية إلا على ثلاث فقط قديمة من تاريخ الإصدار». وتابع «أول جواز أصدر في الخمسينيات الهجرية، وكان يصدر من أمير المنطقة شخصياً، ولدي جواز صادر من أمير الأحساء الأمير سعود بن عبدالله بن جلوي وهو من يوقع الجواز». وأشار الجبر إلى أن من الصعوبات التي تواجههم الحصول على السيارات الكلاسيكية، مبيناً أنهم منذ خمس سنوات يبحثون عن سيارة الكاديلاك موديل 1959، وحصلوا عليها في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأضاف «كانت لدى سيدة مُخزنة طيلة هذه السنوات، وفازت بأفضل سيارة في العالم في فئة السيارات الكلاسيكية الأمريكية في المعرض الذي عقد في الكويت قبل شهر». وأوضح أن هيئة السياحة ينتظرها عمل كبير، وقدمت جهوداً كبيرة، والإقبال من جانب المواطنين على الموروث يتطلب دعماً أكبر، وهيئة السياحة بالمنطقة الشرقية تقدِّم ما يستطيعون من جهد من خلال المهرجانات وغيرها، مبيناً أنه لاحظ خلال الثلاث سنوات الأخيرة وجود إقبال كبير من شرائح المجتمع على التراث والمهرجانات التراثية، ويعودون من خلاله إلى ما وصفه ب «زمن الطيبين»، مؤكداً أن ما يقوم به مبادرات شخصية من محبي هذا التراث وليس من رجال الأعمال. وأضاف «أنا بدأت أولاً بإنشاء قرية كران، وبعدها قرية إزميل1، ثم قرية إزميل 2، وسبب تسمية إزميل هي شركة قديمة من الخمسينيات وهو بالعربي (ما يُطرق به من قطع الحديد القوية جداً). وذكر الجبر أنهم لا يوجد لديهم مشروع سياحي بالمفهوم الربحي، وإنما مبادرات من خلال المسؤولية الاجتماعية التي تتطلع إليها كشركة إزميل للمقاولات. وقال «في بداية قرية كران كانت التكلفة أربعة ملايين ريال، وكانت بداية بسيطة جداً وأنشئت خلال 19 يوماً قبل بداية مهرجان ربيع الجبيل الأول، وكان هناك جهد كبير، حيثُ تم تكليف 500 رجل للعمل على مدار الساعة، وكان وقتها لا يوجد خام ولا توجد آثار ولا تُحف، ووضعنا حديداً وكان لدينا بعض المقتنيات للشيخ محمد بن عبدالوهاب الفيحاني ووضعناها في العام الثاني للمهرجان، وكان لدينا متسع من الوقت وحققنا رضا الله قبل كل شيء ورضا الناس ثانياً». وأضاف «بالنسبة لهذا العام، تمت المبادرة في وقت كافٍ، وتبنينا فكرة الزواج الجماعي، بحيث يكون بطريقة جميلة ومرتبة وبطرق تراثية»، مطالباً القطاع الخاص بإقامة الزواج الجماعي في المهرجانات بعيداً عن الرسمية وبطرق تراثية، مضيفاً أنه على ضوء ذلك تمت زيادة مساحة القرية. وأكد الجبر أن مهرجان الجبيل للتراث والأسر المنتجة يحظى بإقبال كبير من الزوار الأجانب، مبيناً أنه يستقبلهم شخصياً بهدف توصيل بعض الرسائل منها طيبة وتسامح الشعب السعودي وكرمه مع الغير، وأضاف «نحن أرسلنا خلال هذا المهرجان 15 ألف دعوة لهم وللشركات التي يعملون فيها والهدف هو الاطلاع على موروثنا وكرم الشعب السعودي وشهامته ورجولته واحتفاظنا باللبس هذا جزء من انتمائنا، ووضعنا في المتحف بالقرية صوراً لبعض النساء الأمريكيات عام 1952م بالأحساء كانوا يطلعون من الظهران ويذهبون للأحساء للتعرف على أهالي الأحساء ومشاهدة النخيل، وهذا يدل على التسامح وعدم التشدد ولكي نشعرهم بأنهم من هذا النسيج الاجتماعي». وأوضح الجبر أن الأجانب فرحوا كثيراً بتلبية الدعوة لزيارة المهرجان وما شاهدوه فيها من فعاليات، وتابع «نحن نستضيفهم مجاناً، ويتناولون الطعام ووجبة العشاء مجاناً، ونقدّم لهم هدايا بالمجان، وذلك لكي ننقل لهم صورة المواطن السعودي الصحيحة، والإسلام لم ينتشر في آسيا إلا بالتعامل الحسن من التجار المسلمين». وشدد على أن الإعلام شريك استراتيجي لنجاح أي عمل، ووجوده في مثل هذه المهرجانات ضروري لنقل ما يقدم فيها للمجتمع، وكذلك التعريف بنشاطاتها وتنوعها، مقدماً شكره ل «الشرق» على الدعم الذي تقدمه للمهرجان وغيره من المهرجانات الأخرى.