هناك معلومة لا أعلم مدى مصداقيتها تقول إن أحد النيازك قديماً ضرب كوكب الأرض مما تسبب في انقراض الديناصورات، وإن قوة ذلك الارتطام جعلت أجزاء من الكرة الأرضية تطير في الفضاء حتى وصلت لكوكب المريخ.. وحيث إن هذه المعلومة قد يوافقني كثير من أصحاب العقول بأنها تجاوزت حجم الأرنب وأصبحت بحجم ديناصور يصعب على العقل البشري تصديقها إلا في حالتين لا ثالث لهما، إما أن تكون هذه المعلومة مستسقاة من فيلم سينمائي من صنع الخيال أنتجته شركة بوليوود، أو أنها مجرد خيالات شخصية لا تتجاوز أن يحدّث بها الشخص نفسه ليلاً عندما يكون مستلقياً على فراشه قبل النوم. وبما أن القصص والروايات هي إحدى وسائل الربط بين العصور في نقل الأخبار فإنه سيأتي زمن سيعيشه غيرنا يتحدثون عن أخبار من سبقوهم من العصور بما فيها عصرنا هذا، وتظهر لهم بعض المعلومات أشبه بمعلومتي السابقة يصعب على المخ البشري استيعابها، تقول إحداها إن هناك شاباً كان يملك عربة خضار وقع عليه ظلم واضطهاد من قبل حكومته وعندما ضاق به الحال ذرعاً لم يجد حلاً سوى إشعال النار في جسده، مما جعل الشعب بأكمله يثور في وجه الحكومة ويسقطها، على الرغم من أنه في ذلك الزمن كان هناك آلاف من البشر سبقوه تفننوا في طرق الانتحار إلا أنهم لم يحركوا شيئاً في دماء تلك الشعوب، ولم ينظر الإعلام إليهم نظرة عطف ورحمة، والأدهى والأمر أن هذا الأمر لم يتوقف عند هذا الحد؛ فهذه الثورة انتقلت إلى بلدان مجاورة بسرعة البرق وكأنها نار اشتعلت في هشيم أدت إلى إزاحة كراسي وظهور كراسي أخرى، فهل تتوقعون حينها أن هذا الأكشن المليء بالإثارة ستصدقه عقولهم؟ أم أنهم سيبحثون عن الحقيقة المغيبة على شعوب تلك الثورات ويكتشفون حينها أنها كانت نتيجة لمخططات غربية طبخت على نار هادئة منذ عشرات السنين هدفها تقسيم المنطقة إلى دويلات حسب مواصفاتهم ثم إنهم سيكتشفون أيضاً أن تلك الأمة كان لديها ضعف في الإدراك قد تضع يدها في نفس الجحر الذي لدغت منه من قبل، بل إنها تفتقد لفن الإصغاء لحديث الآخرين وتحليله؛ فهناك تلميحات عدة سبقت تلك الأحداث كانت تبين أن هناك شيئاً ما سيحدث كتصريح وزيرة خارجية دولة عظمى تقول وبصريح العبارة أمام الملأ: حان الوقت.. علينا أن نغير حلفاءنا، ومع ذلك فإن الحلفاء كانوا نائمين في العسل لم يفهموا معنى ذلك التصريح. يجب علينا الآن أن نفهم أن المنطقة تسير باتجاه تقسيم شرق أوسطي جديد كما يراه الغرب، وأن تلك الثورات والحروب الأهلية إنما هي حرب وكالة قامت بها أمتنا العربية نيابة عن الغرب، وهذا ما يسميه العلم الحديث بالحرب العصرية التي تجعل من خصمك يقتل نفسه بنفسه دون أن تكلف نفسك مشقة قتله. ختاماً أقول: إن من أكثر الأشياء التي تعلمناها في مدارسنا العربية بيت الشعر الشهير ل «أبو الطيب المتنبي» الذي يحذرنا فيه من أنياب الليث إذا رأيناها بارزة بأنه لا يوزع لنا ابتسامات، وهاهي أنياب الغرب قد ظهرت لنا تخبئ لنا السم في العسل، رافعة شعارات الديمقراطية، وتنادي بحرية الشعوب في أنحاء العالم، يصورون لنا أنفسهم بأنهم حمامة سلام تحمل في فمها غصن زيتون، مع أن تلك الحمامة هي من ألقت قنبلة هيروشيما، وقتلت آلاف البشر، وشردت شعباً بكامله لإقامة دولة العدو. وبعد كل هذا ما زال كثير منا يصدق أن عربة خضار «بو عزيزي» هي من صنعت ذلك التغيير في الخارطة الجغرافية، فمتى نستفيق من جهلنا ونتعلم من الزمن الذي كان علاجاً لمن لا علاج له؟! فأوطاننا العربية -حفظ الله أمنها- ما زالت تُقاد بنفس الطريقة لإسقاطها في نفس الفخ.