عند الحديث عن بدايات الدراما السعودية، فلابد من ذكر المخرج المصري رضوان عبدالله القرقاوي، الذي يعد واحداً من مخرجيها القلائل ممن عاصروا انطلاقتها، وقدموا لها عديداً من الأعمال التليفزونية. القرقاوي في السعودية، كما حمدي فريد في الكويت، عشق الأرض التي اغترب فيها، فقدم لها إبداعاته من محطة تليفزيون الدمام بداية من منتصف السبعينيات الميلادية من القرن الماضي، واستمر في تقديم المسلسلات التليفزيونية والبرامج المنوعة أكثر من 20 سنة، لم يندم على مضيها في هذا المجال، ليستحق لقب «مخرج الروائع» أو «مخرج الأعمال الواقعية» في محطة التليفزيون السعودي بالدمام. وفي حديث ل«الشرق»، يصف القرقاوي حال التليفزيون السعودي حينما قدم إلى العمل في المملكة بقوله: «كان التليفزيون وقتها يعمل بجد في كل المجالات، من برامج على الهواء، وفترات بث كان كثير منها خارجياً، وكانت بداية العمل»، مضيفاً «عندما وصلت إلى محطة تليفزيون الدمام كان هناك كثير من المصريين سبقوني، كمهندسين ومصورين وفنيين ومهندسي صوت». وتابع قائلاً: «عند حضوري إلى المملكة، كان هناك المخرج نبيل عامر، عملت معه أكثر من عمل، تعلمت منه الهدوء… وحرفية الإخراج، وهي الصفة التي يجب أن تكون في مخرج الدراما، ومنها أيضاً بث روح المحبة بين جميع من يعمل معهم من فنانين وفنيين ومصورين وموسيقيين ومهندسي إضاءة وديكور، والتعامل معاً لإنجاح العمل، كما تعلمت منه أهمية إلمام المخرج بكل الأعمال الخاصة في العمل الدرامي من ديكور وتصوير وإضاءة وصوت وموسيقى ومونتاج». وأشار القرقاوي إلى أن الدراما السعودية -آنذاك- «كان يعمها النشاط الدائم، سواء من المسرح الذي كان يمد التليفزيون بالفنانين… وكان الجميع يحب عمله سواء مخرج أو فنان أو فني أو مهندس أو إداري، وكانت محطة الدمام كخلية نحل، كل يؤدي عمله، وكان أنشط الفنانين «أبو مسامح» «محمد المفرح» ومجموعته من الرياضوالدمام والبحرين وسوريا والكويت، مثل سعد خضر، عبدالرحمن الرقراق، وغيرهما كثيرون من الفنانين»، موضحا أنهم أبطال «كان نجاح العمل يقوم عليهم، وفيهم رجال أحبوا العمل فنجحوا… كانت فتره كلها ثراء ومحبة، وإنتاج من إدارة ناجحة في كل المجالات من تيسير للعمل وتذليل الصعوبات». أخرج القرقاوي مجموعة أعمال للتليفزيون السعودي، منها الدرامي والمنوع والوثائقي، إضافة إلى حفلات تخريج طلاب جامعات وكليات، يقول رضوان إنه يعتز بها جميعاً «لأنها كأبنائي، أحاول أن أصل بها إلى أعلى مستوى»، لكنه يرى أن هناك أعمالاً محفورة في ذاكرته مثل مسلسلي «حامض حلو» و«عائلة بو كلش»، وبرامج «مشكلة ورأي» و«الصيف والناس» و«الساعة الواحدة» و«ألوان وبدون ألوان»، وسهرة عن «وحشي» «قاتل حمزة بن عبدالمطلب» «لم تعرض، ولا أدري ما السبب». وقدم عملاً مكونا من 16 حلقة، هو «مواقف رمضانية»، كل حلقة منه منفصلة «تعالج عملا سيئا ومكروها، مثل الحسد، الكذب، الغش، كانت البطولة متداولة بين الممثلين، كل حلقة لها بطل، ويظهر الفنان عبدالله السدحان كناصح ينتقد هذا العمل المشين في آخر الحلقة». كما أخرج كثيرا من الأوبريتات، التي «كانت هادفة تعالج مشكلة محددة بطريقة كوميدية رائعة وأداء جيد». وألمح القرقاوي في حديثه إلى أن الأعمال الدرامية السعودية في تلك الفترة أفضل مما هي عليه الآن، إذ يقول: «تمنيت أن تستمر الدراما بنفس النشاط والحيوية من الجميع، يكفي أنها محلية لا تأتي من الخارج، فهي تعكس ما في المملكة من إيجابيات وسلبيات لتلافيها، والحث على السلوك الجيد، وبث روح المحبة والقيم والمثل العليا». وعن كونه أحد أفضل المخرجين الذين عملوا في محطة تليفزيون الدمام آنذاك، يقول: «أعتقد أننا كنا 12 مخرجاً في المحطة، ولكن لم أتفوق على أحد، بل كنت أحب عملي كثيراً، وأحاول تجهيز الموسيقى التصويرية بنفسي، والإشراف على الديكور… كنت أقوم بعمل المونتاج في كثير من أعمالي، وآخذ وقتاً كافياً لقراءة النص وتدريب الممثلين على الحركة قبل التصوير، وكنت ملماً بعمل الأجهزة التي أعمل عليها من كاميرات وإضاءة وصوت ومونتاج… كل ذلك يسبب نجاح العمل». وحول ما إذا كان نادماً أم لا على عمله في المملكة، أوضح القرقاوي أنه لم يندم في حياته على شيء، «فكل شيء مقدر للإنسان»، بل شدد على أنه كان «سعيداً جداً»، لأنه قضى فترة شبابه منذ أن كان في سن ال28 وحتى ال50 من عمره، بين أناس لم ير منهم إلا المحبة، كما أن أسرته كانت معه سعيدة. يعيش القرقاوي حالياً مع زوجته مع ابنته الصغرى في مدينة الإسكندرية«مسقط رأسه»، وتخرجت بناته ال5، اللاتي ولدن في المملكة، في الجامعة «أكبرهن حصلت على بكالوريوس تجارة وإدارة، والثانية اختصاصية أطفال، والثالثة طبيبة أسنان، والرابعة والخامسة صيدليتان". ويرأس حالياً مجلس إدارة جمعية القلوب الرحيمة، التي تعنى برعاية الأيتام ومساعدة المرضى وتجهيز عرائس الأيتام والحج والعمرة، وتشاركه كذلك زوجته وبناته في الأعمال الخيرية.