تعيش الأندية الأدبية في واقع بعيد عن الحياة الأدبية؛ فهي كمؤسسات مجتمع مدني لم تقدم للحياة الأدبية والثقافية والحراك الفكري وعلى مدى أربعين عاماً سوى صراعات نقدية وفكرية بين النخب، وبعض البرامج المتناثرة هنا وهناك التي كانت تُقام على استحياء وتغيب بقوة ضغط التيار المحافظ. الأندية الأدبية كمؤسسات حضارية وفكرية وثقافية ومؤسسة مجتمع مدني، ومع الدعم المالي الذي تلقاه من الدولة كالتزام وواجب تجاه المعرفة، لم تقدم للمجتمع ما يُستفاد منه في تحريك المياه الراكدة في الجوانب الفكرية والنقدية، أو على الأقل تقديم مشاريع داعمة للمواهب الشابة وإقامة المؤتمرات والفعاليات الثقافية والفكرية والغنائية التي متى ما ولدت فسوف تعيد للأذهان فعاليات كانت الأندية تقيمها قبل ما يزيد على نصف قرن تقريباً. وجود الأندية الأدبية ليس بترف أو محاكاة لتجارب بل ضرورة فرضتها الحياة الفكرية والثقافية والحراك المجتمعي؛ فهي من المجتمع وللمجتمع لكنها تحولت مع مرور الزمن لمؤسسات نخبوية حاضنة للنخب وللصراعات الجانبية ومقدمة للمجتمع أشبه ما يكون بالمساجلات والدراسات الأكاديمية البحتة التي لا يمكنها الإسهام في دعم الحياة الثقافية والفكرية. الانتخاب في تلك المؤسسة المدنية تحول إيجابي لكن ومع بعض المحاولات لإلغاء التجربة الانتخابية لرؤساء وأعضاء الأندية وإحلال التعيين كبديل عن التجربة الانتخابية النخبوية، يبقى المجتمع يتساءل أين تلك الأندية عن واقع الحراك؟ لماذا لا تواكب الحراك المجتمعي وتفتح النوافذ للإبداعات والطاقات والبرامج والفعاليات الأدبية والفنية المختلفة؟ وأين هي عن التعاون الإيجابي مع جمعيات الثقافة والفنون!. الدعم المالي لا يكفي؛ فالأندية الأدبية بحاجة لأن تتغير، والبداية تكون من اللائحة المنظمة لعملها؛ فالتقيد بما في اللائحة وإدخال التعديلات المرنة على بنودها وتغيير إدارة الشأن الأدبي الثقافي النخبوي كفيلٌ بأن تصبح تلك المؤسسات مؤسسات مدنية حضارية قائدة لمشاريع الأدب والثقافة في وطن تهاجر إبداعاته المختلفة إلى الخارج بحثاً عن احتضان أو منافسة!.