ختم الله تعالى حياة ابن المبارك (راشد بن عبدالعزيز المبارك) فجر الأربعاء 2015/02/18م الموافق 1436/04/29 ه في مدينة الرياض.. رحمك الله تعالى يا أبا بسام رحمة واسعة.. وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة.. حقاً لقد كنت موسوعة ثرية بالسمات والخصال الفريدة الحميدة.. وزاخرة بشتى جوانب الفكر والثقافة المعرفة.. فإذا ذُكرت الشهامة فأنت إمامها الأشم.. وإن تَحدّث الناس عن الوفاء فأنت أنموذجه الصادق.. ويوم يُحمد الخير وفعاله وفضائله.. حَمِد الناس فروسية شهامتك ونخوتك في ميادينه.. لقد كنت بحق الفارس الذي لا يكل ولا يمل في السعي إلى تحقيق حاجات الناس وتنفيس كُربهم.. ويوم يتذاكرُ المتذاكرون صنوفَ الرجال ومعادنَهم وجدوك أنفسَهم معدناً وأرفعهم منزلةً وأصدقهم موقفاً.. عرفتُك أديباً رشيق العبارة وشاعراً مُرهف الإحساس والمشاعر.. وَخَبرتُكَ (ونحن أبناء تخصص علمي واحد) عالماً راسخ القدَمِ في اختصاصك.. وعرفتُك مفكراً عميق التأمل والتدبر في شؤون الحياة الإنسانية بعامة.. وبهموم الأمة العربية والإسلامية بخاصة.. وعرفتُك فيلسوفاً متوازناً أغواره سحيقة وآفاقه سامقة مديدة.. فأنت تستحق بجدارة لقب (ابن رشد زمانه)، أما غيرتك على هيبة أمتك وأمنها وسيادة أوطانها وصون عزتها وتحقيق آمال أجيالها.. فهذا بحر لا سواحل له.. وينبوعٌ لا ينضبُ دَفقُ كوثرِ عطائه.. دعوتنا لنقوم بمبادرة جليلة نبيلة لوقف الحرب الإيرانية-العراقية في الثمانينات.. وَقدتَ وَفدين شَرفتُ بِعضويتهما للقاء قيادة البلدين لتحقيق هذا المسعى الإنساني النبيل.. ودعوتنا لمثل ذلك للعمل دون شن حرب على العراق.. وكتبنا بهذا الشأن رسالة مشتركة مع عدد من الزملاء المفكرين الأبرار إلى المستر كوفي أنان أمين عام الأممالمتحدة إذاك.. وبعد كارثة اجتياح العراق وَتفتّح أبواب الشرور التي حذّرنا منها.. دعوتنا مرة ثالثة لمبادرة لجمع القيادات العراقية بتنوع أطيافها.. لِنحولَ بينهم وبين وباء الاصطفاف الطائفي والعرقي المدمر.. ولكن -مع الأسف- لم نجد آذاناً مُصغية ولا قلوباً واعية.. فكان ما نرى من حال مفجع وفوضى وحماقات مدمرة.. أجل يا أبا بسام.. هذه بعض محطات الخير والنبل والشهامة والرجولة من حياتك.. نشهد لك بها عند ربنا وربك سبحانه.. ونسأله تباركت أسماؤه أن يتقبلك في الصالحين والشهداء.. وأن يحشرك مع الأنبياء والصادقين اللهم آمين.. وبعدُ، فإنا لا نقول في عظيم خطبنا بفقدك إلا ما يُرضي ربنا جل جلاله: لله ما أعطى ولله ما أخذ.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. ووداعاً يا أبا بسام إنا لفراقك لمحزونون.. اللهم وأحسن عزاءنا.