يواصل ستة وعشرون ألف عامل وأكثر من مائة شركة العمل لإنهاء مشروع مطار مدينة جدة الجديد الذي تقرر أن يدخل مرحلة التشغيل التجريبي في العام الميلادي المقبل 2016 وتتطلع هيئة الطيران المدني إلى أن يكون هذا المطار من أفضل مطارات العالم من حيث الشكل والمواصفات والكفاءة والتجهيزات الحديثة ومستوى الخدمة التي يقدمها لمستخدميه، ذلك ما تم الكشف عنه خلال جولة ميدانية للإعلاميين نظمتها إدارة العلاقات العامة والإعلام بالهيئة العامة للطيران المدني، لمشروع مطار الملك عبدالعزيز الدولي الجديد الذي جاء بناء على دراسات مستفيضة وضعت في الاعتبار عديدا من العوامل مثل موقع المطار، ودوره المهم كبوابة رئيسة للحرمين الشريفين فضلا عن كونه البوابة الجوية لمدينة جدة التي تتمتع بثقل اقتصادي كبير بصفتها واحدة من أهم وأكبر المدن الاقتصادية في منطقة الخليج والشرق والأوسط، إلى جانب النمو المتصاعد في حركته الجوية فهو أكثر مطارات المملكة العربية السعودية حركة حيث يخدم نحو 41% من إجمالي عدد المسافرين في مطارات المملكة منهم نحو (8) ملايين من الحجاج والمعتمرين. تتلخص أهداف هذا المشروع الحيوي في عدة أمور أبرزها السعي لمواكبة الطلب المتنامي والمتوقع على الحركة الجوية في المطار، ودعم البنية الاقتصادية لمنطقة مكةالمكرمة بشكل عام ولمدينة جدة خاصة والتكامل مع قطاعات اقتصادية أخرى يتطلب نموها بشكل قوي توافر مطار دولي بالميزات المستهدفة وكذلك استيعاب الجيل الجديد من الطائرات العملاقة كود F مثل (A380) وأن يصبح مطاراً محورياً ويستحوذ على حصته العادلة من حجم الحركة الجوية في المنطقة من خلال منظومة عمل وفق أسس تجارية توفر كثيرا من الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص إلى جانب رفع مستوى الخدمات المقدمة للمسافرين ورواد المطار وفق أعلى المقاييس العالمية. للمشروع ثلاث مراحل والجزء الأكبر من أهدافه سيتم السعي لتحقيقها بعد إنجاز المرحلة الأولى من المشروع التي ترفع طاقة المطار الاستيعابية إلى (30) مليون مسافر سنوياً، أما المرحلة الثانية فتستهدف رفع طاقة المطار الاستيعابية إلى (50) مليون مسافر وصولاً إلى (80) مليون مسافر في مرحلته الثالثة، علما بأن الدراسات الأولية الخاصة بالمرحلة الثانية تم الانتهاء منها، ومن المتوقع أن يشرع في تنفيذ البنية التحتية اللازمة لها فور الانتهاء من المرحلة الأولى، أما المرحلة الثالثة فسيتحدد موعدها على ضوء تطور الحركة الجوية وظهور الحاجة لها. العمل في تنفيذ المشروع يسابق الزمن ويسير وفق الخطة المحددة، ويشارك في تنفيذ المشروع نحو (110) شركات، جندت له أكثر من (26000) عامل ومهندس، ويُستخدم في المشروع نحو (2600) معدة وهذه الأرقام تعكس ضخامة المشروع والحرص على سرعة وتيرة العمل تحضيراً لبدء مرحلة التشغيل التجريبي لكافة مرافق المطار وهي مرحلة متعارف عليها دوليا للتأكد من تناسق عمل جميع الأنظمة وجميع المرافق على النحو المنشود دون أي تضارب أو خلل.. ومن بعد ذلك تبدأ مرحلة التشغيل التجاري للمطار، ولا شك أن مشروعا ضخما بهذا الحجم تطلب عديدا من المشاريع التي تنفذ من قبل عديد من الجهات الحكومية الأخرى، مثل مشاريع الجسور والطرق الرئيسة المؤدية للمطار الجديد، ومشروع قطار الحرمين الشريفين الذي سيربط المطار بكل من مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وجميع تلك المشاريع يجري تنفيذها في الوقت الراهن بالتزامن مع سير العمل في مشروع المطار الجديد. لقد حرصت هيئة الطيران المدني على أن لا يؤثر سير العمل في المشروع على حركة السفر بشكل خاص والحركة الجوية بشكل عام من خلال تقديم عديد من الإمكانات حتى أن رواد المطار قد لا يشعرون بأن مشروعا ضخما يجري تنفيذه، فعلى سبيل المثال لم يستخدم المشروع الطرق المؤدية للصالات الحالية، كما لا يستخدم أيا من مرافق الخدمات المتعلقة بالمسافرين وحتى لا تتأثر الحركة المرورية حول المطار تم إنشاء وتجهيز (30) خلاطة خرسانة مركزية في داخل الموقع، تجنبا لجلب الخرسانة من خارج موقع المشروع يتألف المطار من عديد من المرافق الحيوية في مرحلته الأولى وهي: مجمع صالات سفر بمساحة 720 ألف متر مربع يتيح لجميع الناقلات الجوية العمل تحت سقف واحد و(46) بوابة للرحلات الدولية والداخلية ومن البوابات المشار إليها بوابات وساحات تستوعب الطائرات العملاقة وكذلك (94) جسرا متحركا لخدمة الطائرات من مختلف الأحجام بمعدل جسرين لكل بوابة وخمس صالات لركاب الدرجة الأولى ورجال الأعمال (2) منها للمسافرين على الرحلات الدولية المغادرة و(2) للمسافرين على الرحلات الداخلية، أما الخامسة فهي للمسافرين المواصلين على رحلات دولية وداخلية وبرج مراقبة بارتفاع (136) مترا وبذلك يصبح أحد أعلى أبراج المراقبة في العالم ومسجد يتسع لنحو ثلاثة آلاف مصل يشتمل على باحة خارجية للصلاة بمساحة 2450 مترا مربعا، علاوة على طابق علوي مخصص للنساء يتسع لنحو 700سيدة وكذلك نظام قطار آلي لنقل ركاب الرحلات الدولية داخل مجمع الصالات ونفق يوصل إلى مركز للصيانة ومن ثم للمرحلة الثانية ونظام متطور لمناولة أمتعة المسافرين يبلغ طول سيوره 34.6 كيلومتر مرتبط بأحدث أنظمة الأمن متعددة المستويات وممرات وساحات جانب الطيران بمساحة المليوني متر مربع وثلاثة مراكز أحمال رئيسة توفر 470 مليون فولت أمبير، وأنظمة تكييف، مياه إطفاء وكذلك مواقف سيارات للمدد القصيرة تستوعب (8200) سيارة تتألف من أربعة طوابق وستجهز المواقف العامة بأجهزة إلكترونية تمكن صاحب السيارة من معرفة موقع وقوف سيارته بسهولة ويسر وكذلك مواقف سيارات للمدد الطويلة منها مواقف عامة تستوعب (4356) سيارة، ومنها ما هو مخصص للحافلات وتستوعب (48) حافلة ومنها ما هو مخصص لسيارات الأجرة وتستوعب (651) سيارة علاوة على موقف يستوعب (1243) سيارة مخصص لشركات تأجير السيارات، ومواقف سيارات للعاملين بالمطار تستوعب (9123) سيارة وعديد من المرافق الحيوية الأخرى. والمطار الجديد سيتمكن من خدمة سبعين طائرة في آن واحد بواسطة الجسور المتحركة، بالإضافة إلى مواقف لانتظار الطائرات حول مجمع صالات السفر تستوعب (28) طائرة، تستهدف سرعة عمليات تحرك الطائرات من وإلى البوابات الرئيسة، وسيتم إمداد جميع الطائرات بالوقود والمياه عبر تمديدات رئيسة تحت الأرض دون حاجة لاستخدام سيارات أو معدات لهذه المهمات. تميزت التصاميم المعمارية للمشروع بطابع معماري مستوحى من الطابع الإسلامي وفي ذات الوقت يتلاءم مع بيئة المملكة العربية السعودية، كما يجري العمل على نشر المسطحات الخضراء حول وداخل مجمع الصالات مما يضفي مزيدا من الجمال على منشآت المطار، ومن بين ذلك إنشاء حديقة داخلية بمساحة 18 ألف متر مربع، وحوض مائي لأسماك الزينة بارتفاع 14 مترا وقطر عشرة أمتار من أجل ربط المشروع ذهنيا ببيئة جدة البحرية، وهذه من الجوانب التجميلية التي يمكن للمسافر الاستمتاع بمشاهدتها مما يجعل المرور بالمطار تجربة فريدة كما أن ذلك سيسهم في جعل المطار الجديد تحفة معمارية ومعلما بارزا لمدينة جدة، وتعد الأنظمة التي يتم تركيبها في المطار كالأنظمة المتعلقة بالسلامة والأنظمة الملاحية وأنظمة تزويد الطائرات بالوقود وأنظمة نقل الأمتعة وأنظمة مخاطبة الجمهور وغيرها من أحدث التقنيات التي وصلت إليها التكنولوجيا والتي من بينها أنظمة تعمل بشكل ذاتي . مراعاة البيئة كانت من الأولويات في تصميم المطار حيث سيتم استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في تبريد مراكز الأحمال والري ومراحيض دورات المياه وتم اختيار المواد الإنشائية والكهربائية الصديقة للبيئة، حيث تم اعتماد الإنارة في الصالات وساحات المطار التي تستخدم تكنولوجيا (L.E.D) بدلا من الهالوجين للتخفيف من انبعاث الحرارة وبالتالي التوفير في الطاقة والتبريد، علما بأن عمرها الافتراضي يزيد عن عشرين عاما وسيكون المشروع مؤهلا للحصول على الشهادة الفضية من قبل لجنة المباني الخضراء بالولايات المتحدةالأمريكية والتي تُمنح للمشاريع الصديقة للبيئة. وفرّ المشروع برنامجا تدريبيا للمهندسين السعوديين حديثي التخرج من مختلف التخصصات الهندسية للاستفادة من التطبيق الميداني على أرض الواقع في أعمال المشروع الذي يعد من أضخم المشاريع في المملكة وأكثرها تعقيدا من حيث التقنية المستخدمة في إنشائه ويستقطب البرنامج دفعات متتالية من الشباب السعودي مما سيسهم في تأهيل جيل من الشباب لديه القدرة على إدارة هذا النوع من المشاريع، الأمر الذي سيكون له الأثر الإيجابي في تطوير قدراتهم وكفاءاتهم. وفقا لمخطط المشروع سيتم تخصيص مساحات كبيرة داخل مجمع الصالات للاستثمار التجاري في المرحلة الأولى من المشروع تصل إلى نحو (27,987 ) مترا مربعا علاوة على المساحات الخارجية، وحيث أثبتت تجارب المطارات العالمية في العالم أن المطارات الناجحة لم تكن لتحقق نجاحاتها إلا بالشراكة الاستراتيجية مع الشركات العالمية المتخصصة فإنه سيتم مستقبلا إسناد تشغيل المطار وصيانته لإحدى الشركات العالمية المتخصصة في تشغيل المطارات وفق شروط تضمن مستويات عالية من الخدمات والصيانة. سيتم الاستغناء عن الصالتين الجنوبية والشمالية بالتدريج.. ولكن لن يتطلب الأمر فترة طويلة حيث سيتم تحويل الصالة الجنوبية (صالة الخطوط السعودية) إلى مرفق شحن ضمن قرية شحن دولية، علما بأن الهيئة ستطرح قرية الشحن للاستثمار من قبل الشركات المتخصصة في هذا المجال بعد انتقال عمليات الصالة الجنوبية للمطار الجديد، ووفقا للمخطط العام المعتمد للمطار في الوقت الراهن فإن موقع الصالة الشمالية سيخصص لعمليات الطيران الخاص، أما بالنسبة لمجمع صالات الحج والعمرة فسيبقى قائما ويؤدي خدماته لرحلات الحج والعمرة وفقا لوضعه الحالي، إذ شهد مشروع توسعة وتطوير ضخم تم إنجازه في عام 2009 والذي جعل المجمع قادرا على استيعاب أعداد الحجاج المتزايدة والمتوقعة خلال العشرين عاما القادمة .