ما بين غمضة عين وانتباهتها؛ يبدل الله من حال إلى حال، فها هي عجلة الزمن تستمر في الدوران غير آبهة ببني البشر وما يحلمون به وما تخبئ لهم الأقدار التي كتبها الله عليهم، ويجري التاريخ راكباً مطيته وحاملاً أقلامه؛ ليرسم أزهى الصور ويدون أبهى القصص والإنجازات، فالزمن عندما يمضي يصبح ذكرى تحركها رياح الحاضر والمستقبل، فيظل الإنسان يعيش في أمسه ويستظل بظله إلى أن توقظه لحظته الآنية. إن رحيل والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله رحمة واسعة- حدث هزّ وجدان شعب كان قد بادله الحبّ والاهتمام، فحصد تلك المحبة التي لا تُضاهى، لقد كان قريباً من الشعب بقلبه وروحه، يضفي بلمسته الحانية على الوطن والعالم إنسانية فريدة، يضيق المقام بذكرها، إلا أنها مشاريع كثيرة اقترنت باسمه فازدانت به وازدادت شرفاً وتألقاً، لتمضي ذاكرة الأجيال المقبلة تتذكر حكاية هذا العطاء النبيل. انتقل ملك الإنسانية الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله ورفع درجته في عليين- إلى رحمة الله، وبموته انطفأت شمعة كانت تضيء سكة أناس سكن حبه في قلوبها لتسير بسلام، وها هو الوطن يرتب أوراقه بكل ثبات وتؤدة وحكمة؛ ليثبت للعالم وبخاصة أولئك المغرضين، أن للوطن شعبا يبتهل إلى ربه سراً وعلانية بأن يحفظ أرضه وترابه اللذين امتزجا بأجساد أفراده وأرواحهم، وها هم يبعثون بأفعالهم المخلصة رسائل سامية تبرهن على أن الهم واحد والصف صامد والجميع يقولون ويعملون من أجل هذا البلد، الذي ميزه الله عن غيره باستقرار واقتصاد ووحدة لا مثيل لها. والعزاء لهذا الوطن الذي فقد وطناً بقلبه اتسع للجميع، فاستحق منهم الدعاء والابتهال إلى الله بأن يرحمه وأن يكرم نزله، وعزاؤنا أن روحه ذهبت إلى أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، ونسأل الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وأن يمدهم بعونه وتسديده، وأن يحفظ أمن بلادنا واستقرارها.