رحل والدنا وقائدنا وحبيبنا عبدالله بن عبدالعزيز تاركاً خلفه دموع ملايين المحبين ودعواتهم وابتهالاتهم الصادقة له بالرحمة والمغفرة في مشهدٍ مهيب وموقف عصيب على الأمتين العربية والإسلامية، والعالم أجمع. رحل عبدالله الملك، الإنسان، حبيب الشعب، القائد المحنك، وحمامة السلام على المنطقة برمتها. حين تباشر الحديث عن رجل كهذا تخذلك الأحرف وتتصاغر أمامك الكلمات تماماً حتى التلاشي. تستجمع قواك لتكتب، لتجد نفسك في مأزقٍ آخر، فمن أين تبدأ وأين تنتهي؟ عبدالله كان رجلاً مُحباً لشعبه بصدق وتجلٍّ. كان رجلاً ذا طموحٍ ورؤية. آمن بالإنسان وبناء الإنسان، وفي عهد (عبدالله) كان البناء المعرفي للإنسان بحق هاجساً وغاية. تلك الرؤية الطموحة تجسدت بإطلاق حوالي 28 جامعة وابتعاث أكثر من 200 ألف طالب وطالبة حول العالم وبتشييد 6 مدن طبية و 11 مستشفى تخصصياً و32 مستشفى عاماً بالإضافة لشبكة طرق برية وحديدية و11 مدينة رياضية؛ وتوسعة ضخمة للحرم الشريف، كل ذلك وأكثر في قرابة 9 سنوات ونيف وفي ظروف غير مستقرة تحيط بالمنطقة! في عهد عبدالله حضر الشاب السعودي في أعرق المنابر العلمية والأكاديمية بفضل نظرةٍ طموحة جريئة وثقت بالشاب السعودي وسلحته بكل ما يضمن تألقه العلمي والعملي في أكبر الميادين العالمية. وفي عهد عبدالله، حضرت المرأة السعودية كما لم تحضر من قبل، معلمة وطبيبة وشريكة وقائدة وعضوة مجلس شورى ومُحاضرة في أكبر جامعات العالم. لم يدّخر رحمه الله أي جهد في دفع عجلة التنمية والتطور لهذا البلد الحبيب في بناء الإنسان وضمان وجوده رقماً صعباً في أكبر المحافل الدولية. رحل ولم ترحل آماله وطموحاته، رحل ومن خلفه جيل سيحمل هم (بابا عبدالله) بنصرة دينه ووطنه وشعبه، والارتقاء بهم لأعلى المراتب، ومع كل إنجاز جديد سيرددون: إلى جنات الخلد يا ملك الإنسانية.