قبيل نهاية عام 2011، وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على إقرار مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني، الذي يعلن أن العالم كله يعتبر «ساحة معركة» ضد الإرهاب ويفوض الجيش الأمريكي باعتقال أي شخص يشتبه أنه من مؤيدي الإرهاب لفترة غير محدودة. وفيما كان الرئيس أوباما يوقع على هذا القانون، أعلن الرئيس أنه سيستخدم السلطة الجديدة بعناية فائقة وبالطريقة القانونية، لكن خصوم الرئيس يقولون إن الحكومة الأمريكية لم تتردد مطلقا في استخدام أي سلطة جديدة وأن التوجه الجديد لوكالات الاستخبارات هو نحو توسيع السلطات الممنوحة لها، وليس نحو تحديدها. إذاً فإن الحكومة الأمريكية تمتلك الآن سلطات تسمح لها بإرسال فريق من الشرطة العسكرية إلى منزل أي شخص في أي ولاية من الولاياتالمتحدةالأمريكية وأن تطلب من هذا الشخص الاستسلام دون اللجوء إلى أي محام. بعد ذلك تستطيع المؤسسة العسكرية الأمريكية أن تضع الفرد قيد الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي لفترة من الوقت وأن ترسله إلى جوانتانامو أو إلى أي وحدة اعتقال خاصة أخرى مخصصة لسجن المتهمين بالإرهاب. ما أن يصبح رهن الاعتقال، لا يمتلك المشتبه به سوى الحقوق التي يمنحه إياها الجيش. الغالبية العظمى من الناس يعتبرون أي نظام قضائي جنائي يسمح بمثل هذه الاعتقالات بطبيعة الحال يرقى إلى دولة بوليسية. حتى لو أن البيت الأبيض ووزارة العدل لم يسيئا استخدام السلطة الجديدة فإن تعريف مفهوم مؤيد «الإرهاب» أصبح مطاطا إلى درجة كبيرة، ويمكن توسيعه بحيث يتسع لأي شيء. إذا كان العالم كله قد تحول إلى «ساحة معركة»، فإن التحدث أو التصرف بطريقة معادية لمصالح قوية يمكن أن تكون أمرا خطيرا لأن هذه المصالح يمكن أن تلف وتدور وتستغل النظام لتعرف شخصا ما على أنه إرهابي. وبمجرد أن يتم تسمية الشخص إرهابيا، تختفي الحقوق الدستورية. هذا هو ما يتعلق بقرار مجلس النواب رقم 3131. الهدف منه هو «توجيه وزير الخارجية لتسليم تقرير عما إذا كانت أي منظمة مساعدة شاركت في التخطيط أو التنفيذ في المحاولة الأخيرة لأسطول غزة يجب أن تعتبر كمنظمة إرهابية خارجية...» بعد ذلك يؤكد مشروع القانون أن الأسطولين اللذين انطلقا إلى غزة2010 و 2011 في تحد للحصار الذي تفرضه إسرائيل على هذا القطاع كانتا تعتبران أعمالا إرهابية. القضية ضد الأسطولين مشتقة من المعلومات التي قدمها مركز الاستخبارات الإسرائيلية، لذلك فإن الكونجرس يشير إلى منظمة حكومية أجنبية لاتخاذ قرار يؤثر بشكل مباشر الحكومة نفسها. والإسرائيليون ليسوا خجلين من اتهام أي شخص بأنه إرهابي. فهم يصفون منظمة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)، التي كان لها علاقة بتنظيم أول أسطول إلى غزة عام 2010، بأنها منظمة إرهابية مرتبطة مع تنظيم القاعدة الدولي ومع حركة حماس استنادا إلى أدلة لا يمكن لأي جهة أخرى في العالم أن يقبلها. السفينة التركية (ماوي مرمرا) لم تكن تحمل أي أسلحة على متنها. الإسرائيليون قتلوا تسعة أتراك، بعضهم قتل بسبب طلقة في الرأس من مسافة قريبة، بما في ذلك مواطن يحمل الجنسية الأمريكية. بالنسبة للأسطول الثاني الذي انطلق في شهر يوليو عام 2011، يمضي مشروع القانون 3131 ليقول إن «السلطات اليونانية صعدت إلى سطح السفينة واعتقلت عدة أشخاص، بما في ذلك القبطان جون كلوسمير من سفينة جرأة الأمل (Audacity of Hope) لأنها انتهكت أوامر حرس الشواطئ اليونانيين من خلال إبحار دون إذن.» كلوسمير هو مواطن أمريكي لم يكن يخالف أي قانون أمريكي. ويقول مشروع القانون في النهاية إن «وزيرة الخارجية سوف تقدم ... تقريرا عما إذا كانت أي منظمة شاركت في تخطيط أو تنفيذ أسطول غزة الأخير يجب أن تعتبر منظمة إرهابية أجنبية ... ويجب أن يتضمن (التقرير) معلومات عن مصادر أي دعم لوجستين أو تقني، أو مالي تم تقديمه إلى سفن أسطول غزة.» إذا تم تمرير مشروع القانون في الكونجرس، سيكون الآن بإمكان مسؤول بيروقراطي في وزارة الخارجية الأمريكية أن يدعي أن أشخاصا عاديين والجماعات التي ينتمون إليها بأن لهم علاقة بالإرهاب. مشروع القانون 3131 لا يزال موجودا في لجنة الكونجرس لكن له راعين نافذين جدا، بما في ذلك إلينا روس-ليهتينن من فلوريدا، التي ترأس لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس وهي من المؤيدين الأقوياء لإسرائيل. مشروع القانون لا يتهم فقط مجموعات كاملة من الناس الذين يمارسون حقوقهم الدستورية وتصنفهم على أنهم إرهابيين، لكنه يسمي أيضا مواطنا أمريكيا لم يكن في ذلك الوقت يخالف أي قانون أمريكي. كانت جريمة كلوسمير الوحيدة أنه «أبحر دون إذن»: في اليونان، تهمة مزيفة تم تأليفها لتناسب حكومة يونانية ضعيفة تتعرض للضغوط من الولاياتالمتحدةالأمريكية ومن إسرائيل أيضا. جريمة كلوسمير الحقيقية كانت في معارضته لمجموعة مصالح حقوية، في هذه الحالة اللوبي الإسرائيلي. إن القيام بذلك يستدعي توجيه تهمة مساندة الإرهاب ومواجهة احتمال الاعتقال من قبل البنتاجون برضى وقبول من رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية. حتى لو قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن لا يستخدم هذه السلطة القضائية الجديدة لسجن أي شخص، سيكون قد قدم الأدوات القانونية لأولئك الذين قد يأتون بعده في البيت الأبيض ليفعلوا ما يمكن أن يكون أكثر سوءا بكثير. أي شخص يمكن أن يقال عنه إنه إرهابي.