غزة , القدس , عواصم عالمية البلاد .. لم يكن غريباً أن تحدث الكارثة.. ولم يكن بعيداً أن يتجاوز الإسرائيليون حدود الأخلاقيات الإنسانية أمام عمل تطوعي حرك يوماً ضمير الأمة نحو من تحتجزهم إسرائيل رهائن في أرضهم لممارسة العربدة العسكرية والحصار.. والذل والإهانة في أرضهم.. ومن ثم إمطارهم بالنيران بين الحين والآخر كما هو الحال في غزة التي يحيط بها الموت من كل مكان.قصة الأمس في صبرا وشاتيلا تعود اليوم في صورة لا تقل بشاعة. وبقدر ما هي تحدٍ سافر للضمير العالمي إلاَّ أنها في الوقت نفسه قد جاءت نتيجة للتخاذل الدولي والتأييد الأمريكي المستمر للعدوان الإسرائيلي المتكرر ليس ضد الأمة العربية ولكن ضد المجتمع الدولي. كما أن ما جعل اسرائيل تمضي قدما في جرائم الحرب جاء نتيجة التخاذل الدولي تجاه ما تقوم به الدولة العبرية عبر التاريخ.. دون أن يكون هناك رادع قوي أو موقف يخرج عن بيت الطاعة الأمريكية في المجتمع الدولي.ومن ثم فإن ما حدث بالأمس كفيل بعودة الى المربع الأول لعملية السلام.. وخلط جديد للأوراق السياسية في المنطقة بما في ذلك الملف النووي الإيراني وغيره من الأجندة الأخرى التي ستأخذ في الاعتبار حادث سفينة الحرية على محمل من الأهمية كونه تحدياً للعالم وليس للعرب. وبالتالي فإن دولاً كانت مؤيدة لإسرائيل قد تعمل على تغيير موقفها. وفي أحدث سلسلة من "بلطجة" الجيش الإسرائيلي المدعوم بقرار سياسي مسبق اعترضت أمس قوات كوماندوس اسرائيلية سفنا متجهة الى غزة امس الإثنين ولقي عشرة نشطاء على الأقل مؤيدين للفلسطينيين على متنها حتفهم في حين تم جرح اكثر من 50 شخصا فيما أغرقت إراقة الدماء اسرائيل في أزمة دبلوماسية. وقال الجيش الاسرائيلي إن قواته تعرضت لإطلاق نيران وهجوم بسكاكين خلال محاولته السيطرة على السفن. وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي "تظهر النتائج الأولية التي توصلنا اليها أن عشرة على الأقل من المشاركين في القافلة قتلوا" مضيفا أن أربعة جنود على الأقل جرحوا. وانطلقت القافلة في المياه الدولية قبالة قبرص أمس الاحد في تحد للحصار الاسرائيلي على قطاع غزة وللتحذيرات من أنها سيتم اعتراضها. وكانت اسرائيل تتوقع أن تنتهي العملية دون إراقة للدماء وأعدت خياما في ميناء اسرائيلي لمن ستحتجزهم. وأثار ما حدث عاصفة دبلوماسية مع تركيا الحليفة الوثيقة لاسرائيل والتي ترفع بعض من السفن الست علمها. من جهتها احتجت وزارة الخارجية التركية بشدة على الهجوم الاسرائيلي. وقالت الحكومة التركية إنها "تحتج بشدة" على العمل العسكري واصفة اعتراض السفن بأنه "غير مقبول". وقال بيان لوزارة الخارجية التركية "على اسرائيل ان تتحمل عواقب هذا السلوك." وصرح مارك ريجيف المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن اسرائيل لا تريد مواجهة عنيفة. وقال "قدمنا عروضا متكررة بأن يأتوا بالسفن الى ميناء أسدود ومن هناك ضمنا وصول الشحنة الانسانية بالكامل لسكان غزة." وأضاف "لسوء الحظ قررت هذه المجموعة المواجهة. قررت اللجوء للعنف.. وحين اضطرت قواتنا البحرية للاعتراض هوجم جنودنا الشبان بالذخيرة الحية."وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحداد ثلاثة أيام في الأراضي الفلسطينية. وذكرت وسائل إعلام اسرائيلية أن السفن المحتجزة تبحر في اتجاه ميناء اسدود الاسرائيلي بجنوب البحر المتوسط. وقالت جريتا برلين وهي متحدثة باسم حركة غزة الحرة احدى منظمي القافلة "كيف استطاع الجيش الاسرائيلي أن يهاجم المدنيين هكذا؟ هل يعتقدون أنه لأنهم يستطيعون مهاجمة الفلسطينيين دون تمييز يستطيعون مهاجمة اي أحد؟ ونظمت القافلة جماعات مؤيدة للفلسطينيين ومنظمة تركية لحقوق الانسان. وكانت تركيا حثت اسرائيل على السماح للقافلة بالمرور الآمن وقالت إن المساعدات التي يبلغ وزنها عشرة آلاف طن التي تحملها القافلة انسانية. ودعا الاتحاد الأوروبي الى إجراء تحقيق في سقوط القتلى على متن سفن المساعدات وطالب بأن تسمح اسرائيل بتدفق المساعدات الانسانية على قطاع غزة بحرية. وقال متحدث باسم مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون "نيابة عن الاتحاد الأوروبي تطالب (اشتون) بتحقيق شامل في ملابسات ما حدث... وتدعو إلى فتح فوري ودائم وغير مشروط للمعبر لكي تتدفق المساعدات الإنسانية والسلع التجارية والأشخاص من وإلى غزة." هذا وتتوالى ردود الفعل الغاضبة والتنديدات العالمية بالمجزرة البشعة التي قامت بها قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي ضد سفن المساعدات لغزة حيث قتلت واصابت العشرات من الناشطين الدوليين واستيلاء قوات كوماندوس إسرائيلية على سفن "أسطول الحرية" فيما أصيب 3 إسرائيليين بجروح، في الوقت الذي ضربت القوات البحرية والجوية الاسرائيلية طوقا عسكريا على سواحل غزة. وفي رام الله، أعلن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس امس الحداد العام في عموم الأرض الفلسطينية لثلاثة أيام وتنكيس الأعلام على ضحايا العدوان الإسرائيلي على أسطول الحرية الدولي لكسر الحصار، واستنكارا لهذه الجريمة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا."وأدان عباس "الجريمة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال بحق المتضامنين الدوليين على متن أسطول الحرية"، وطالب الأممالمتحدة أن تقف في وجه إسرائيل التي تضرب بعرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية.واعتبر عباس أن ما قامت به إسرائيل فجر الاثنين، عدوانا مركبا، حيث تم قتل من يقدمون المساعدة للشعب الفلسطيني المحاصر في غزة المحاصرة أصلا من قبلها.وأكد أن قرار ضرب المتضامنين العزل واحتجازهم على الموانئ الإسرائيلية كان متخذا من قبل القيادة الإسرائيلية بشكل مسبق.وقال عباس: "إننا نعزي أنفسنا وذوي الضحايا ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى، خاصة للشيخ رائد صلاح الذي أصيب خلال هذا العدوان." عشرات القتلى والجرحى فقد أفادت وسائل إعلام تركية أن قوات كوماندوس إسرائيلية هاجمت "أسطول الحرية" في المياه الدولية أثناء توجهه إلى قطاع غزة، وأن عملية الاقتحام أسفرت عن مقتل ما يزيد على 20 شخصاً وإصابة 50 شخصاً بجروح، ونجم عن الهجوم كذلك إصابة 3 جنود إسرائيليين بجروح خلال عملية الاستيلاء، وكذلك إصابة الشيخ رائد صلاح.وذكرت الأنباء أن المئات من الجنود الإسرائيليين اقتحموا بشكل متزامن جميع السفن الأسطول، مستخدمين أسلحة نارية وقنابل الغاز المسيل للدموع، وفق وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، يجري مشاورات مع كبار ضباط جيش الدفاع ورؤساء الدوائر الأمنية لبحث تداعيات الأحداث.ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن أنباء في أنقرة أن متظاهرين أتراك اقتحموا مقر القنصلية الإسرائيلية في المدينة في أعقاب الأنباء عن استيلاء البحرية الإسرائيلية على السفن.من جهتها، قالت "وفا" إن البحرية الإسرائيلية فرضت طوقاً على شواطئ غزة لمنع السفن من الخروج إلى البحر، فيما سيطرت على السفن وهي في طريقها إلى ميناء أسدود، وأعلنت حالة الطوارئ في منطقة الشمال بأراضي 1948 بعد أنباء عن إصابة الشيخ رائد صلاح في الهجوم وعدم توفر معلومات عن مدى خطورة إصابته.وأشارت إلى أن أسطول الحرية يضم عدداً من السفن من عدة دول، تحمل على متنها 750 متضامناً من أكثر من 40 دولة، بينها 44 شخصية رسمية وبرلمانية وسياسية أوروبية وعربية، من ضمنهم عشرة نواب جزائريين.وتحمل السفن أكثر من 10 آلاف طن مساعدات طبية ومواد بناء وأخشاب، و100 منزل جاهز لمساعدة عشرات آلاف السكان الذين فقدوا منازلهم في الحرب الإسرائيلية على غزة مطلع عام 2009، كما تحمل 500 عربة كهربائية لاستخدام المعاقين حركياً، لا سيما وأن الحرب الأخيرة خلفت نحو 600 معاق بغزة. وأوضحت وسائل الإعلام التركية أن 20 من نشطاء السلام على متن قوارب "أسطول الحرية" قتلوا وأصيب نحو 50 آخرين عندما هاجمت قوات إسرائيلية بالزوارق الحربية والطائرات المروحية عدداً من القوارب المتجهة إلى قطاع غزة في محاولة لفك الحصار عنه.وكانت السلطات الإسرائيلية قد أعلنت أنها لن تسمح بوصول القافلة البحرية إلى مشارف غزة، فيما تحركت قطع حربية إسرائيلية إلى عرض البحر لاعتراض سفن المساعدات، مهددة في الوقت ذاته باللجوء إلى القوة إذا ما اقتضت الضرورة لمنع السفن من الوصول إلى غزة، كما أفادت هيئة الإذاعة والتلفزة التركية "تي آر تي."وأعلن المسؤولون الإسرائيليون أنه سيتم سحب سفن المساعدات إلى ميناء أسدود في حال إصرارها على التوجه إلى غزة و عتقال المتواجدين على متنها و تسفيرهم إلى بلدانهم، فيما أقامت مركز اعتقال في المدينة. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن وسائل إعلام تركية أن قوات "كوماندوس" إسرائيلية تصدت فجر الاثنين لقافلة السفن الدولية المتجهة نحو قطاع غزة في عرض البحر وان عملية الاقتحام أسفرت عن مقتل 20 وإصابة 50 شخصا آخر بجروح. وفي وقت سابق، نقلت الإذاعة الإسرائيلية خبراً مفاده أن إحدى السفن المشاركة في قافلة السفن الدولية بثت صباح الاثنين نداءات استغاثة داعية جميع السفن القريبة منها إلى مساعدتها.وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن نشطاء القافلة يواجهون الاعتقال والترحيل وستتم مصادرة شحنات سفنهم وفحصها قبل امكانية نقلها الى غزة بواسطة اسرائيل.ونظمت هذه القافلة جماعات مؤيدة للفلسطينيين ومنظمة تركية لحقوق الانسان.وحثت تركيا إسرائيل على السماح للقافلة بالمرور الامن وتقول إن المعونات التي تحملها القافلة ويبلغ وزنها عشرة الاف طن ذات طبيعة انسانية. وعلى ضوء المظاهرات الغاضبة في تركيا دعا مكتب تابع لاجهزة رئيس الوزراء الاسرائيلي السائحين الاسرائيليين الى ارجاء زياراتهم الى تركيا خشية حصول تظاهرات معادية بعد الهجوم على الاسطول المتجه الى غزة. فيما سحبت انقرة سفيرها في اسرائيل.وتركيا احدى اوثق الدول المتحالفة مع إسرائيل في منطقة الشرق الاوسط الا ان العلاقات فاترة الان بين الجانبين. ووجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عدة انتقادات لسياسات اسرائيل تجاه الفلسطينيين. وكانت اسرائيل اغلقت حدود غزة بعد ان سيطرت حركة حماس على القطاع عام 2007. واستمر توتر الاوضاع منذ الهجوم المدمر الذي شنته اسرائيل في غزة في ديسمبر كانون الاول 2008 ويناير كانون الثاني من عام 2009 والذي اسفر عن مقتل نحو 1400 فلسطيني.وفي اسطنبول تظاهر المئات من الأشخاص قبالة مقر القنصلية الإسرائيلية تضامناً مع قافلة السفن الدولية المتجهة نحو قطاع غزة. إضراب عام وفي منطقة المثلث في شمال إسرائيل، نقل موقع "عرب 48" عن وكالات أنباء أن ثلاثة من ضمن "وفد عرب 48" المشارك في أسطول الحرية قد أصيبوا خلال الهجوم الذي وصفه ب"البربري الإسرائيلي" على الأسطول.وعلم أن من بين المصابين الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية الشمالية، والذي وصفت إصابته بالخطيرة.وفي حديثه مع موقع "عرب 48" دعا النائب في الكنيست الإسرائيلي، جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي البرلمانية، إلى إعلان الإضراب العام، كما دعا إلى تنظيم مظاهرات غضب يومي الاثنين والثلاثاء. واعتبر زحالقة هجوم الجيش الإسرائيلي على أسطول الحرية هو "جريمة حرب وقرصنة نفذت بأوامر من كبير القراصنة بيبي نتانياهو ومجرم الحرب إيهود باراك."وأشار زحالقة إلى أن باراك قد أصدر أوامره للجيش بمنع وصول السفن إلى قطاع غزة بكل ثمن، و"تبين هذا الصباح ما هو الثمن."وقال: "إن باراك هو الذي أصدر بنفسه الأوامر عام 2000، خلال انتفاضة القدس والأقصى، بفتح شارع وادي عارة بأي ثمن، وكان الثمن في حينه 13 شهيداً." أجواء الحرب وكان الجيش الإسرائيلي قد نشر منذ السبت عددا من سفن الصواريخ قبالة سواحل قطاع غزة، لاعتراض قافلة سفن "أسطول الحرية"، التي تحمل مساعدات إنسانية ومواد إغاثة إلى القطاع الفلسطيني، الذي تفرض عليه السلطات الإسرائيلية حصاراً منذ ما يقرب من أربع سنوات.وفي الوقت الذي شنت فيه الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات جوية على عدد من الأهداف داخل القطاع الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في وقت مبكر من صباح السبت، أعلنت البحرية الإسرائيلية تأجيل إرسال سفنه الحربية إلى عرض البحر المتوسط، للتصدي للقافلة الدولية.وبعد إعلان منظمي القافلة، التي تضم نحو 750 ناشطاً من حوالي 50 دولة، تأجيل وصول القافلة إلى غزة إلى الأحد، نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصادر عسكرية قولها إن سلاح البحرية "سيبقى على أهبة الاستعداد خلال ساعات الليل، تحسباً لأي طارئ، وسيتخذ قراراته بالنسبة لإرسال السفن (الحربية) وفقاً للتطورات."وذكر راديو إسرائيل أن تأجيل تحرك قافلة "أسطول الحرية"، جاء بسبب سعي منظمي القافلة لإقناع السلطات القبرصية بالسماح لمجموعة تضم حوالي 25 ناشطاً بارزاً، بينهم العديد من النواب الأوروبيين، بالوصول إلى قافلة السفن عن طريق الجزء التركي من الجزيرة." لكن السلطات القبرصية رفضت السماح للناشطين الدوليين بالانضمام للقافلة عبر الشطر اليوناني، كما ذكر الراديو الإسرائيلي أن "عدداً من النواب الأوروبيين قد غادروا قبرص، بسبب شعورهم بالإحباط، إزاء هذه التأخيرات."وفي يوم سابق قال مسؤولون فلسطينيون إن الطائرات الإسرائيلية شنت خمس غارات على أهداف داخل القطاع، أربعة منها استهدفت مطار غزة الدولي، الذي توقف العمل به منذ سنوات، أما الغارة الخامسة فقد استهدفت ورشة حدادة، في حي "الزيتون" شرقي غزة وذلك قبل وصول سفن المساعدات.وقبل هذه التطورات قال الناشطون المنظمون لرحلة أسطول المساعدات لغزة إنهم مصرون على كسر الحصار برغم التحذيرات الإسرائيلية.وانطلقت ثماني سفن من ميناء ترايبورنو في مدينة اسطنبول التركية مبحرة الى انطاليا، ومنها الى غزة، تحمل على متنها مساعدات غذائية وانسانية للفلسطينيين في قطاع غزة الواقع تحت الحصار الاسرائيلي منذ سنوات اضافة الى 800 ناشط سياسي.وقالت اسرائيل انها لن تسمح بوصول السفن الى القطاع حتى وان كانت مرسلة من قبل منظمات انسانية ومنظمات حقوق انسان دولية.وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي (اوفير جندلمان ) إن منظمي هذه القوافل يمكنهم تسليم البضائع إلى الموانئ الإسرائيلية لنقلها إلى غزة.وأقامت إسرائيل مخيما مؤقتا للناشطين بالقرب من مدينة اسدود ، حيث تريد من الناشطين أن يفرغوا حمولتهم ويعودوا أدراجهم.بينما قالت جريتا برلين المتحدثة باسم "حركة غزة الحرة": نحن مصرون على متابعة طريقنا، ولن توقفنا التهديدات".