بلا شك لم يكن عبد الله السنوسي قائد الاستخبارات الليبية في عهد معمر القذافي، عندما أمر باعتقال المحامي فتحي تربل في 15 فبراير 2011 في بنغازي، يتوقع أنه أمر حينها بالإطاحة بالنظام.وكان فتحي تربل الناشط في مجال حقوق الانسان والمعتقل السياسي سابقا، منسق إحدى المنظمات القليلة المستقلة في البلاد وهي جمعية عائلات ضحايا سجن أبو سليم حيث أعدمت قوات الأمن 1200 سجين سياسي في 1996.وفي سن 39 أصبح فتحي تربل وزير الشباب والرياضة، وروى ذكرياته ذلك الثلاثاء 15 فبراير عندما اعتقل واقتيد إلى عبد الله السنوسي، ذراع قمع النظام. وقال إنه في سياق الثورتين التونسية والمصرية «كان الحوار في الأنترنت حول وقت ومكان التظاهرة يوم 17 لكنهم لم يتوصلوا إلى التفاهم حول وقت ومكان التجمع» لتنظيم «يوم الغضب».واختير الموعد إحياء لذكرى مقتل 14 شخصا في صدامات وقعت في 17 فبراير 2006 بين قوات الأمن الليبية ومتظاهرين هاجموا قنصلية إيطاليا احتجاجا على نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد.وأضاف فتحي تربل «كنا نعرف أن ليس كل العالم عنده أنترنت فقررنا أن نجد صيغة لنطبع مناشير تدعو إلى التظاهر في آخر لحظة وتوزيعها في المدينة». وأكدأن ذلك اليوم حضر عشرون رجلا تقريبا إلى منزله فاعتقلوه واقتادوه عند الغروب إلى مقر قيادة شرطة بنغازي إلى عبد الله السنوسي الذي تبلغ عن نوايا هذا «العنصر المشوش».وقال «طلب مني أن أنزل من السيارة وأمشي على قدمي في ساحة كبيرة حيث كانت مجتمعة قوات الأمن فتهيأت نفسيا وكنت أعتقد أنهم سيصفوني وكنت أتصور الرصاصات تخترق جسدي».وتابع «أوقفني عبد الله السنوسي ومد يده ليصافحني وقال وين تحب توصلها؟»ودام نقاش صاخب بين الرجلين أكثر من ساعتين وقال فتحي تربل إن السنوسي حاول إقناعه بالتخلي عن الدفاع عن عائلات ضحايا سجن أبو سليم التي كان النظام يعتبرها نواة حركة احتجاج في بلد لا تتمتع فيه أي منظمة أو حزب سياسي بحق ممارسة النشاط.وفي الأثناء انتشر خبر اعتقال المحامي وبلغ العائلات التي هرعت إلى التجمع أمام مقر الشرطة. وقال فتحي تربل «كنت أسمع هتاف الأهالي في الخارج ولما سمعت نشيد «إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر» فهمت أنها بداية النهاية».ونزولا عند ضغط العائلات اضطر عبد الله السنوسي أن يطلق سراح المحامي.وانسحبت العائلات من ذلك المكان لكنها توجهت إلى وسط المدينة حيث واكبها الليبيون بالتظاهر وترديد الشعارات التي اشتهرت من حينها «نوضي نوضي يا بنغازي هذا اليوم اللي فيه تراجي» (انهضي انهضي يا بنغازي هذا اليوم الذي تنتظرينه).وفرقت قوات الأمن المتظاهرين بالقوة فسقط جرحى لكن في اليوم التالي امتدت الاحتجاجات إلى البيضاء والزنتان وفي 17 فبراير اشتعلت البلاد وتحول الاحتجاج إلى نزاع دام أطاح بنظام معمر القذافي الذي قتل في العشرين من أكتوبر.