مرحلة التقاعد أو كما يشير إليها بعضهم بالإحالة إلى المعاش هي فترة من العمر يعيشها الفرد بعد سن معين – سن التقاعد – وهي مسمّى وتصنيف وظيفي يتم تحديده بعد دراسات وبحوث تشمل البيئة الوظيفية وذلك تكريماً لكبر سن الموظف بإحالته إلى التقاعد وتوظيف آخر مكانه لإكمال مسيرة الحياة ولا علاقة لهذه المرحلة بالموت البتة كما يفسرها بعض الناس بسذاجة واستفزاز بأنها (مت قاعد). تقدم السن ونهاية رحلة العمل الحافلة بالعطاء وخسران النفوذ الوظيفي لأصحاب المراكز الوظيفية وسوء التخطيط الجيد لمرحلة التقاعد والاستسلام للعزلة الاجتماعية وعدم المشاركة في الأنشطة والفعاليات الاجتماعية تساعد على الشعور بالكآبة والدونية والنظرة السلبية، وتتكالب المتاعب والأوجاع فيجد الفرد نفسه مهمشاً لا حاجة له ولا يمثل أي رقم في حقول العطاء، وقد شاخت الأيام في وجهه المملوء بالتجاعيد ولم يتبق له سوى الانتظار على أرصفة الموت، هذه الشاكلة لا ترحب بالتقاعد وتهرب من شبح الموت المخيف – من منظورهم – إلى معترك الوظيفة حتى آخر لحظة من أعمارهم وعلى النقيض يرى آخرون أن التقاعد مرحلة جديدة من الحياة يتمتع فيها الشخص بالراحة والحرية بعيداً عن التزامات الوظيفة وضوابطها كالاستيقاظ المبكر ومزاولة أعبائها وجهودها البدنية والفكرية والنفسية والعودة بعد نهاية الدوام في أوقات متأخرة ومحدودة على مدى سنوات فضلاً عن تقدم العمر الذي يستوجب مزيداً من العناية بالصحة وبذلك يقع خيار التقاعد المبكر في كفة الحلول المنطقية والعقلانية لينفذ الفرد بجلده إلى حياة جديدة خالية من الضغوط النفسية والمسؤوليات والارتباطات. إذن هي نظرة الفرد لمرحلة التقاعد تعكس شعوراً إيجابياً أو سلبياً على نفسه فإن أيقن الشخص أن هروبه من الوظيفة ومسؤولياتها وارتباطاتها وأعبائها إلى مرحلة التقاعد والاستمتاع بما تبقى من العمر مع نفسه وأسرته ستصبح الحياة في نظره سعيدة وجميلة، بقناعة تامة وإيمان راسخ بأنه مهما كان العمل ممتعاً وزملاء العمل أصدقاء يشتاق لهم يبقى التقاعد أكثر حرية وأقل مسؤولية وفرصة مناسبة لإعادة تنظيم كثير من أمور الحياة كزيارة الأقارب وصلة الأرحام وتوطيد الصداقات وممارسة الهوايات التي حرمته الوظيفة من مزاولاتها وأن مرحلة التقاعد ليست نهاية المطاف بل هي بداية مرحلة جديدة من الحياة عليه أن يتأقلم ويتكيّف معها والعيش إلى آخر العمر بقلب شاب يحتفظ بالأمل والتفاؤل وحب الحياة وهذا هو السر والدرس الذي يجب على المتقاعدين إتقانه لتجسيد أرقى معاني وصور السعادة الأبدية وراحة البال والقناعة التامة برزق الله والسرور بذكره.