من أكثر الوزراء نجاحاً؟! ومن أكثرهم فشلاً؟! لو طرحنا هذين السؤالين لجاءت معظم الإجابات انطباعية عاطفية، متأثرة بصورة ذهنية رائجة عن هذا الوزير أو ذاك، قد تكون معبرة عن الواقع الفعلي، وقد تكون خاطئة مضللة، وفي الحالتين الإجابات لا تستند إلى خلفيات موضوعية أو علمية. أكثر الوزراء نجاحاً بالطبع أكثرهم إنجازاً! لكن ما هو الإنجاز؟! لكل منّا تعريفه الخاص للإنجاز، لكن أشهر تعريفاته (كل ما قام به الإنسان في حياته ويرى أنه إنجاز بغض النظر عن رؤية الآخرين له). وهذا يتعلق بنظرة الفرد لنفسه، لكن هذا التعريف قد يعتمده بعضهم في قياس إنجاز الآخرين، ومنهم الوزراء، وهنا المشكلة التي تسهم في إنتاج الصور الذهنية الرائجة -التي أشرت لها آنفاً-، والطامة الكبرى أن يعتمد هذا التعريف أي وزير! الوزير المنجز هو الذي يحقق الأهداف التي ضمّنها خطته الاستراتيجية عندما أسندت إليه مهام الوزارة. لكن هل هناك وزير سبق وأعلن خطته الاستراتيجية، وعرّفنا بالأهداف التي يسعى لتحقيقها؟! الإجابة لا! سؤال آخر: هل هناك جهة محايدة سبق وقدمت لنا تقريراً يقيس أداء وزير ما؟! الإجابة أيضاً لا! إذن كل الوزراء ناجحون بزعمهم، وكلهم فاشلون بزعمنا، ولا يوجد طرف ثالث نحتكم إليه لينصف بعضنا من بعض! قبل 6 سنوات صدر قرار من مجلس الوزراء بإنشاء مركز قياس الأداء للأجهزة الحكومية، يتبع لمعهد الإدارة العامة، وحتى الآن لم نلمس له أي أثر على الواقع. مهام المركز بعدية، ولينجزها على الوجه الأكمل يحتاج إلى مدخلات قبلية، تتمثل في الخطط الاستراتيجية للوزير، ومن أبسط حقوقنا كمواطنين أن نتعرف عليها بشكل علني، لنشارك المركز قياس الأداء، وكم نتمنى لو ضُمّن قرار تعيين الوزير بنداً يلزمه بعقد لقاء مفتوح يعلن خلاله خططه الاستراتيجية، ومثله لقاءات دورية لقياس الإنجاز، ونقد النتائج، من خارج المؤسسة الحكومية برمتها.