نقرأ بين الفترة والأخرى عن حوادث نقل لمعلمات يعملن خارج المدن الرئيسة، حيث تكون تلك الحوادث شنيعة جداً تؤدي إلى حالة وفيات أو إصابات بليغة لبعض المعلمات، وقد أشبع هذا الموضوع نقاشاً وجدلاً في الصحف والفضائيات وغيرها، وكلٌّ يتحدث بما يراه من زاويته وفكره. بالأمس القريب صدر قرار صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم بمعالجة مشكلة المعلمات اللاتي يعملن بمدن نائية وبعيدة وذلك بتخفيض جدولهن الدراسي إلى 3 أيام فقط مع تأخير دوامهن الصباحي ساعة كاملة تعوض في نهاية الدوام، ليتسنى للمعلمات الحضور في الوقت المناسب لهن بكل يسر وطمأنينة، وهذا العمل الإجرائي جيد ومهم وداعم للمعلمات اللاتي يعملن خارج المدن وبمسافات بعيدة جداً، حيث يكون لديهن 4 أيام إجازة تبقى في منزلها مع أولادها وزوجها أو مع أهلها، لأن هناك معلمات يخرجن عند الساعة الثالثة صباحاً ويتوجهن إلى مقر عملهن الذي يبعد مئات الكيلو مترات ويعدن عند الساعة الرابعة عصراً منهكات من العمل والطريق. الحاجة إلى الوظيفة هي هاجس كل فرد بالمجتمع رجالاً ونساء ولذلك أصبح القبول بوظائف في أماكن نائية شيئاً عادياً بعكس ما كان في الماضي قبل عدة عقود، حيث أصبح قبول المرأة بالوظيفة في أي مكان يُعد أمراً إيجابياً على المستوى الإداري ومساعداً في إنجاح برنامج السعودة والتوطين. حوادث السيارات والموت والحياة كلها أمور مقضية ومقدرة ومكتوبة على الإنسان وفي الحديث «لا يرد القدر إلا الدعاء» بمعنى أن القدر يستطيع الإنسان أن يرده عن نفسه بالدعاء أو الصدقة أو فعل خير كما جاء في الحديث، أما القضاء فأمره محتوم ومنته، ومن هذا المنطلق لابد من التفكير في آليات نستطيع منها الحد من وقوع حوادث السيارات المتكررة والمؤسفة، فمن الطبيعي أنه لا يمكن تعبيد الطرق الرئيسة والفرعية في وقت زمني قريب إنما هذه الأمور تحتاج إلى سنوات، الأمر الآخر والمهم الذي من المفترض أن تسعى وتجتهد فيه الوزارة هو إيجاد حل جذري لمشكلة نقل المعلمات خارج المدن، لأن كلاً منا يضع يده على قلبه حتى يسمع رنين هاتفه لإخباره بوصول ابنته من العمل وهذا هو ديدن من لديهم بنات يعملن خارج المدن، وإذا تمكنا من إيجاد حلول مفيدة مع ما صدر من تخفيف نصاب المعلمات فإن المسألة ستصبح مشجعة لكثير من المعلمات بأن يبقين في تلك المدارس دون طلب نقلهن إلى مدارس أقرب، والحلول كثيرة من وجهة نظري منها: إنشاء شركات نقل في مدن المملكة بمواصفات عالية ومتطورة تكون تلك الشركات لديها عقود مع وزارة التربية والتعليم لنقل المعلمات إلى أماكن عملهن، بحيث تكون الاشتراطات على تلك الشركات بتأمين حافلات جديدة وذات مواصفات عالية في النقل، وتكون تلك الحافلات مرتبطة بشبكة إلكترونية مع الشركة الأم لمتابعة سيرها وزمن تحركها ووصولها وعودتها، وتكون الحافلة مزودة بجهاز كمبيوتر يتم التواصل عن طريقه مع السائق، ويزود السائق شركته بالمعلومات اليومية عن مسار رحلته، ويكون متواصلاً مع الشركة طوال رحلته وإذا احتاج أيَّ مساعدة لا قدَّر الله ترسل له بأسرع وقت ومن أقرب فرع للشركة، ويكون شعار ولون الحافلات موحدين، وكذلك زي السائقين موحداً أيضاً حتى يعرفه الجميع ويقدموا له الخدمات اللازمة إذا احتاج لذلك، وبهذه الخدمات قد يتم الاتفاق مع المعلمة بأن نصف قيمة الإيجار عليها والنصف الآخر على الوزارة، وبهذا تمكن من توفير جزء من رواتبهن لهن، وأيضاً من التخلص على حافلات النقل الفردية التي تعمل بعيدة عن المراقبة من ناحية صلاحية المركبة وإطاراتها وجميع أجهزتها، أو من ناحية اختيار السائقين غير المتمكنين في قيادة تلك الحافلات وهو في ظني السبب الرئيس بعد قضاء الله سبحانه وتعالى في وقوع الحوادث على الطرق للمعلمات، وبهذا العمل نستطيع الحد من انتشار حافلات النقل الرديئة وغير الآمنة، أضف إلى ذلك سوف توفر تلك الشركات وظائف كثيرة للسعوديين من خلال توظيف شريحة كبيرة من السائقين برواتب مجزية مع توفير التأمين الطبي لهم وأسرهم، وهذه ناحية مهمة في استيعاب شريحة كبيرة من العاطلين عن العمل. ختاماً قضية حوادث المعلمات ليست قضية هذه السنة أو السنوات القليلة القادمة إنما سوف تبقى ولكن بوجود الحلول الممكنة نستطيع أن نخفف من وقوع مثل تلك الحوادث المؤسفة والموجعة لكثير من الأسر.