تقضي هدى العرور معظم أوقاتها في الرسم على الجدران والزجاج ونقش الحناء ليصبحا مصدر دخل لها ولأبنائها. تقول العرور «ترددت على مسامعي كثيراً وأنا طفلة عبارة (يال خيالك الواسع) فقد كنت أعيش في عالم من الأحلام والخيال الذي لا حدود له، عالم من الألوان أبحر في قاربه الذي لا هدف له.. عشقي الألوان كان يروي قصة حياتي؛ فقد بدأت مشوار الرسم منذ نعومة أظفاري، كان بالنسبة لي لغة حوار أعبِّر بها عن كل ما في داخلي، عشقت الرسم كما لم أعشق من قبل، وكان بالنسبة لي هو حلاوة الحياة، حاربت من أجله وكنت أشتاق له، نعم؛ ذلك لأني كنت أُمنع منه؛ حيث إن والديَّ لم يكونا مقتنعَين بأن الرسم سيفيدني في حياتي وأن انشغالي به يعتبر تضييعاً لوقتي، ولم يكن يُسمح لي بالرسم إلا في الإجازات المدرسية فقط، ولكني كنت أختلس الأوقات وأسرق الدقائق والساعات من أجله، كبرت وكبرت أحلامي، كبرت وزادت خبرتي في الرسم». وأضافت «عندما نجحت في الثانوية العامة بمجموع فوق 93% سألني والداي عن الهدية التي أريدها فطلبت أن يذهبا بي إلى المكتبة وذهبتُ، وهنا كانت بدايتي في عالم العمل الذي كنت أحلم به، لم أترك في نفسي شيئاً، اشتريت جميع أنواع الألوان؛ ألوان الزجاج والإكرلك والفحم، اشتريتها جميعها وخرجت من المكتبة وأنا أعدُّ الدقائق لأصل إلى المنزل حتى أفجِّر كل طاقاتي التي حُبست طوال فترة دراستي المدرسية، فجعلت من الرسم وسيلتي للنجاح، فكان لابد لي أن أنجح في مجالي الذي أحبه وإن لم يكن عن طريق إكمال دراستي؛ فأنا لم ولن أيأس، لابد لي أن أكمل مشواري، رسمت المرايات وبراويز الزجاج، لم يكن آنذاك يوجد إنترنت ولا أية وسائل لأتعلم من خلالها؛ خاصة أني عشت عمري في قرية بعيدة عن المدينة، ولكني لم أيأس ولم أستسلم لجهلي، واصلت وكافحت، أخذت أسخِّر خفة يدي في الرسم وذوقي الفني في كل ما فيه نفع مادي». وزادت: «تزوجت وأصبحت أماً وأخذت حياتي تسلك مسلكاً جدياً، ولم يعد الرسم بالنسبة لي مجرد شيء جميل أعشق ممارسته، بل أصبح الرسم بالنسبة لي أمراً ضرورياً لكسب لقمة العيش لي ولأولادي، لم أترك باباً أستطيع طرقه لأطوِّره إلا وطرقته، طوَّعته لنقش الحنا فكان باب رزق، طوعته لزينة النساء فكان باب رزق، طوعته للتعليم ورسم اللوح المدرسية والرسم على الجدار فكان باب رزق، فحرفة في اليد تغني من الفقر، فلكم أحبتي أقول: لا تهملوا هواياتكم ولا تستحقروها ولا تستسلموا لأي عقبة مهما كانت، فأنتم لا تعلمون ما قد يكون».